حكم من حج ولم يحرم من الميقات ولم يبت بمنى ليالي التشريق وأخر الرمي

0 320

السؤال

قصدت الحج قادما من الأردن، فمررت بالمدينة المنورة، ولم أحرم حتى وصلت إلى جدة عند أقاربي، وأقمت عندهم ثلاثة أيام، ثم أحرمت منها، ونويت الحج ليلة الثامن من ذي الحجة، فقمت بأعمال الحج غير المبيت بمنى لعدم وجود ما أسكن فيه، فذهبت إلى جدة وبت بها، وكذلك رميت الجمرات يوم النحر، وثاني أيام التشريق قمت بالرمي عن اليومين في نفس الوقت، ولم أقدم الهدى؛ ماذا يترتب علي؟ وهل أستطيع الحج هذا العام.
أفتوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :

فيمكنك أن تحج هذا العام، ولكن بالنسبة لحجك السابق ما دمت قد قصدت الحج من الأردن، فقد كان الواجب عليك أن تحرم من ميقات ذي الحليفة لا أن تؤخره إلى جدة، وإذ لم تفعل ولم ترجع إلى الميقات، فإنه يلزمك دم تذبحه وتوزعه على فقراء الحرم لتركك واجبا من واجبات الحج وهو الإحرام من الميقات، جاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في أن من ترك واجبا من واجبات الحج كالإحرام من الميقات، ورمي الجمار كلها أو بعضها، ولم يتمكن من الإتيان به، يجب عليه الجبر بالدم... اهــ
والمبيت بمنى ليالي التشريق واجب أيضا من الواجبات والمقصود به البقاء بها أكثر الليل ، جاء في الموسوعة الفقهية: المبيت بمنى ليالي أيام التشريق واجب عند جمهور الفقهاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: أفاض رسول الله من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق، وقال ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ: لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أن يبيت بمكة إلا للعباس من أجل سقايته، وروى الأثرم عن ابن عمر قال: لا يبيتن أحد من الحاج إلا بمنى، وكان يبعث رجالا لا يدعون أحدا يبيت وراء العقبة، ومن ترك المبيت بمنى ليلة أو أكثر من ليالي أيام التشريق فعند الجمهور عليه دم لتركه الواجب. اهــ

وكونك لم تجد سكنا في منى هذا لا يبرر ترك البقاء فيها أكثر الليل إلا إذا تعذر البقاء بحيث لم تجد مكانا تجلس فيه فإنك تلحق بآخر الخيام المتصلة بخيام منى ولو كانت خارجها وبعض العلماء يقول بسقوط المبيت حينئذ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: إذا لم يمكن المبيت امتلأت منى ولم تجد مكانا إلا على الأرصفة أو في الشوارع على وجه تتأذى وتؤذي، فهل يسقط المبيت ونقول الآن بت في أي مكان تريد أو نقول إنه يجب أن تبيت عند آخر خيمة سواء من جهة مزدلفة أو من جهة مكة؟ والذي يظهر لي أنه يجب أن يبيت عند آخر خيمة؛ لأن هذا ـ أعني المبيت عند آخر خيمة ـ نظير ما إذا امتلأ المسجد بالمصلين فإنهم لا نقول تسقط عنكم الجماعة، نقول صلوا متصلين بالمصلين، لكن لو قال إنه لا يتمكن فحينئذ يسقط وإذا سقط يبيت في أي مكان... اهــ

وقال أيضا: الواجب على الإنسان أن يحتاط لدينه بأن يبحث بحثا دقيقا عن مكان له في منى، فإذا لم يجد فقد قال الله عز وجل: فاتقوا الله ما استطعتم [التغابن:16]، فإذا لم يجد سقط عنه الوجوب؛ لأنه عاجز، وقال بعض العلماء: إذا منع المبيت في منى فإنه يسقط عنه وجوب المبيت؛ لكن يجب عليه البدل، وهو فدية يذبحها ويوزعها على فقراء مكة اهــ

وكونك أخرت الرمي يوم التشريق الأول ورميته مع الثاني هذا لا حرج فيه، قال ابن قدامة في المغني : إذا أخر رمي يوم إلى ما بعده، أو أخر الرمي كله إلى آخر أيام التشريق ترك السنة، ولا شيء عليه، إلا أنه يقدم بالنية رمي اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث. وبذلك قال الشافعي وأبو ثور ... اهــ

وقولك لم تقدم الهدي، إن كنت تعني أنك حججت مفردا فإن المفرد لا هدي عليه، وإن كنت حججت قارنا أو متمتعا لزمك الهدي فإن لم تذبحه فقد فرطت وأسأت؛ لأن وقت ذبح هدي التمتع والقران يخرج بغروب شمس آخر أيام التشريق، ويجب ذبح هذا الهدي؛ لأنه دين استقر في ذمتك ودين الله أحق أن يقضى، ويذبح حيث يذبح الهدي في مكة ومنى، قال النووي في بيان حكم من أخر ذبح الهدي حتى خرجت أيام التشريق:
في وقت ذبح الهدي طريقان (أصحهما) وبه قطع العراقيون وغيرهم أنه يختص بيوم النحر وأيام التشريق (والثاني) فيه وجهان (أصحهما) هذا (والثاني) لا يختص بزمان كدماء الجبران فعلى الصحيح لو أخر الذبح حتى مضت هذه الأيام فإن كان الهدي واجبا لزمه ذبحه ويكون قضاء وإن كان تطوعا فقد فات الهدي. اهــ 
والله تعالى أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة