شروط استحلال المحرم المكفر، وحكم الهزل بوصف الأغاني المحرمة بالجميلة

0 252

السؤال

كنت مع صديق لي بسيارته، فقام بتشغيل الراديو، فكانت أغنية محرمة، وهو يعلم أنها حرام، وعلى قناعة بأن الأغاني حرام، ولكن قال لي مازحا: هذه الأغنية جميلة، حلال نسمعها. فهل يكون قد خرج عن الملة, لأنه استحل السماع إلى الأغاني مازحا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز الهزل بمثل هذا الأمر، وادعاء كونه حلالا مع علم الشخص بالتحريم، وكان الواجب عليك أن تنكر عليه؛ قال تعالى: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع قليل ولهم عذاب أليم [النحل: 116، 117].

ومع هذا؛ فلا يدخل هذا في الاستحلال المكفر، وإنما الاستحلال المكفر أن يعتقد الحرام حلالا؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: أن الكفر إذا كان هو الاستحلال، فإنما معناه: اعتقاد أن السب حلال، فإنه لما اعتقد أن ما حرمه الله تعالى حلال كفر، ولا ريب أن من اعتقد في المحرمات المعلوم تحريمها أنها حلال كفر..".

ومن شرط الاستحلال المكفر: أن يكون الحكم معلوما من الدين بالضرورة، كما بينا بالفتوى رقم: 212137.

وليس الغناء بهذه المثابة، فتحريمه ليس معلوما بالضرورة.

وانظر الفتاوى: 155077، 210631، 187619.

ولكننا نخشى أن تدخل الحالة المسؤول عنها في الاستهزاء والاستخفاف بأحكام الله -وهذا خطر عظيم-؛ قال الشيخ رشيد رضا -رحمه الله- في قوله تعالى: يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون * ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين [التوبة: 64-66]

والآية نص صريح في أن الخوض في كتاب الله، وفي رسوله, وفي صفات الله تعالى, ووعده ووعيده, وجعلها موضوعا للعب والهزء؛ كل ذلك من الكفر الحقيقي الذي يخرج به المسلم من الملة, وتجري عليه به أحكام الردة، إلا أن يتوب ويجدد إسلامه. انتهى.

وإن كنا لا نجزم أن الحالة المسؤول عنها استهزاء، ولكن ليحذر المسلم من مثل ذلك، فالكلمة قد تكون يسيرة في نظر كثير من الناس، ولكنها إذا كانت استخفافا بالشرع فهي كفر. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة