تفسير قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ، بقراءة فتح القاف وكسرها

0 317

السؤال

بعض النساء ـ هداهن الله ـ يتخففن من حجابهن في بيوتهن مع وجود رجل أجنبي في بيتها: (كخطيبها، أو خطيب بنتها، أو خطيب أختها، أو أخي زوجها، أو زوج أختها، أو زوج خالتها، أو ابن خالتها، أو زوج عمتها، أو ابن عمتها، أو ابن عمها، أو ابن خالها، أو زوج جارتها وابنها البالغ، أو صديق زوجها، أو صديق أخيها البالغ، أو صديق ابنها البالغ، أو عمال الشقة، أو المدرس الخصوصي، أو محفظ القرآن، أو محصل (كهرباء- ماء- غاز) أو بائع اللبن، أو من يوصل الوجبات السريعة للمطاعم (دليفري)، أو تتكلم في وجودهم بصوت عال، أو تغني أو تزغرد أو ترقق صوتها في وجودهم، أو حتى في غير وجودهم لكن صوتها يصل للجيران! أو تخرج للبلكون أو الشباك أو سطح ومدخل بيتها بدون حجاب! أو تكشف ذراعيها أو شعرها أو رقبتها! أو تلبس ملابس قصيرة أو شفافة (شيفون) أو ضيقة (إسترتش، بادى، ونحوها) بل ربما تخرج بقميص النوم! أو تخرج بمكياج وعدسات ملونة وكحل وعطر وماسكرا! وإذا ما قيل لها: اتقي الله! هذا حرام! ترد قائلة: أنا في بيتي، وليس لأحد سلطان علي! ومن لا يعجبه يشرب من المحيط! ويضرب رأسه في الحائط!
هل هذا يجوز، أم يحرم؛ لأن الله نهى عن تبرجها ولو كانت في بيتها ما دام الرجال في الشارع، والجيران في البيوت، والرجل الأجنبي الذي يدخل بيتها يمكنهم سماعها أو رؤيتها! قال عز وجل: (وقرن في بيوتكن) الأحزاب(33). بكسر القاف، وهي قراءة جمهور القراء. أي: الزمن الوقار، والحياء والتستر في ملابسكن التي تستركن تماما، والزمن الوقار في ضحككن وكلامكن.
وهو قرار معنوي بأخلاقهن حتى لا يدري أحد من الرجال أنها موجودة في بيتها، من شدة حيائها.
أما قراءة حفص ونافع (وقرن في بيوتكن) الأحزاب(33) بفتح القاف فالقرار هنا: قرار مادي أي: يمكثن في بيوتهن، ولا يخرجن منه، لغير حاجة ملحة، حتى لا يطول مشيهن في الشارع، وفتنتهن للرجال، وكذلك لا يقفن في البلكون والشباك وسطح ومدخل البيت إذا لم يكن هناك حاجة لذلك حتى لا يفتن الرجال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالواجب على المرأة أن تستر بدنها عن نظر الرجال الأجانب سواء كانت في بيتها أو خارجه، ولا يجوز لها أن تضع ثيابها في بيتها إلا إذا أمنت نظر الرجال الأجانب، وانظر الفتوى رقم: 52752.
وإذا تكلمت مع الأجانب أو عندهم وجب عليها الاحتشام والبعد عن الليونة والميوعة في الكلام، قال تعالى: يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا {الأحزاب:32}،
بل نهى الله المرأة عن كل فعل يلفت انتباه الرجال الأجانب ويثيرغرائزهم، قال تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون {النور:31}،
قال الطاهر بن عاشور ـ رحمه الله ـ: ..وهذا يقتضي النهي عن كل ما من شأنه أن يذكر الرجل بلهو النساء ويثير منه إليهن من كل ما يرى أو يسمع من زينة أو حركة كالتثني والغناء.. التحرير والتنوير (18 / 213)
وبخصوص حكم الزغاريد للمرأة راجع رقم : 136633
 وبخصوص قوله تعالى : وقرن في بيوتكن {الأحزاب:33}،  فإن بعض العلماء يرى أنه بمعنى القرار على كلا القراءتين، قال القرطبي ـ رحمه الله ـ: قوله تعالى: "وقرن" قرأ الجمهور "وقرن" بكسر القاف، وقرأ عاصم ونافع بفتحها، فأما القراءة الأولى فتحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون من الوقار، تقول: وقر يقر وقارا أي سكن، والأمر قر، وللنساء قرن، مثل عدن وزنا. والوجه الثاني: وهو قول المبرد، أن يكون من القرار، تقول: قررت بالمكان (بفتح الراء) أقر، والأصل أقررن، بكسر الراء، فحذفت الراء الأولى تخفيفا، كما قالوا في ظللت: ظلت، ومسست: مست، ونقلوا حركتها إلى القاف، واستغني عن ألف الوصل لتحرك القاف. قال أبو علي: بل على أن أبدلت الراء ياء كراهة التضعيف، كما أبدلت في قيراط ودينار، ويصير للياء حركة الحرف المبدل منه، فالتقدير: إقيرن، ثم تلقى حركة الياء على القاف كراهة تحرك الياء بالكسر، فتسقط الياء لاجتماع الساكنين، وتسقط همزة الوصل لتحرك ما بعدها فيصير "قرن"، وأما قراءة أهل المدينة وعاصم، فعلى لغة العرب: قررت في المكان إذا أقمت فيه (بكسر الراء) أقر (بفتح القاف). تفسير القرطبي (14/ 178)

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات