سرح حديث: المسلم من سلم المسلمون من لسانه...

0 197

السؤال

هل يكفر المسلم بسب المسلم؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه، ويده؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا يكفر المسلم بالسب عند أهل السنة والجماعة، بل ولا بالقتل، ومعنى الحديث أن المسلم الكامل هو من سلم المسلمون....

قال ابن الجوزي في كشف المشكل: والمعنى: هذا هو المسلم الذي صدق قوله بفعله، كقوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} [الأنفال: 2]. أي هذه صفات من صدق إيمانه، وتم. انتهى.

وقال النووي في شرح مسلمقالوا: معناه المسلم الكامل، وليس المراد نفي أصل الإسلام عن من لم يكن بهذه الصفة، بل هذا كما يقال العلم ما نفع، أو العالم زيد، أي الكامل، أو المحبوب. وكما يقال: الناس العرب، والمال الإبل. فكله على التفضيل لا للحصر. ويدل على ما ذكرناه من معنى الحديث قوله: أي المسلمين خير؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه، ويده. ثم إن كمال الإسلام والمسلم متعلق بخصال أخر كثيرة، وإنما خص ما ذكر لما ذكرناه من الحاجة الخاصة. انتهى.
وقال السيوطي في قوت المغتذي: قال الراغب: "كل اسم نوع فإنه يستعمل على وجهين: أحدهما: دلالته على المسمى، وفصلا بينه وبين غيره. والثاني: لوجود المعنى المختص به، وذلك هو الذي يمدح به، وذلك أن كل ما أوجده الله في هذا العالم جعله صالحا لفعل خاص، ولا يصلح لذلك العمل سواه، كالفرس للعدو الشديد، والبعير لقطع الفلاة البعيدة، والإنسان ليعلم ويعمل. وكل شيء لم يوجد كاملا لما خلق له، لم يستحق اسمه مطلقا، بل قد ينفى عنه، كقولهم: فلان ليس بإنسان، أي: لا يوجد فيه المعنى الذي خلق لأجله من العلم والعمل، فعلى هذا إذا وجدت مسلما يؤذي المسلمين بلسانه، ويده، وقلت له: لست بمسلم، عنيت أنك لست بكامل فيما تحليت به من حلية الإسلام". انتهى.

ولا يخفى تحريم سب المسلم، وانظر الفتوى رقم: 74597.

وفي الصحيحين: عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.

قال النووي: السب في اللغة الشتم، والتكلم في عرض الإنسان بما يعيبه، والفسق في اللغة الخروج، والمراد به في الشرع الخروج عن الطاعة.

 وأما معنى الحديث: فسب المسلم بغير حق، حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم؛ وأما قتاله بغير حق، فلا يكفر به عند أهل الحق كفرا يخرج به من الملة، كما قدمناه في مواضع كثيرة إلا إذا استحله. فإذا تقرر هذا، فقيل في تأويل الحديث أقوال أحدها: أنه في المستحل، والثاني: أن المراد كفر الاحسان والنعمة، وأخوة الإسلام لا كفر الجحود؛ والثالث: أنه يؤول إلى الكفر بشؤمه؛ والرابع أنه كفعل الكفار. والله أعلم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات