أحوال تصرف وإنفاق المرء للمال في حياته

0 172

السؤال

ما هي حدود تصرف المرء في ماله حال حياته لأفراد أسرته أو الأقربين أو الغير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فتصرف صاحب المال في ماله دائر -شرعا- بين إنفاقه في نفقة واجبة، وفي نفقة مستحبة، وفي نفقة في مباح من غير إسراف، وهذا هو الحد الذي عليه مراعاته وهو ما جاء به الشرع؛ ففي حق الأسرة أوجب الله تعالى على صاحب المال نفقة واجبة لزوجته ومن تلزمه نفقته من أقاربه -أصولا أو فروعا- في المأكل والملبس والمشرب والمسكن، والحد في هذا يختلف باختلاف المال قلة وكثرة واختلاف البلدان والأزمان، ومثله أيضا في حق الأقربين من كان منهم فقيرا فإنه تجب نفقته على صاحب المال، فهو كالزوجة في هذا الحق، فينفق عليهم في المأكل والملبس والمشرب والمسكن بقدر وسعه، وكتب الفقه كفيلة ببيان النفقة الواجبة على الزوجة والأولاد والأقارب وتفصيلها.
ومن كان من الأقربين فقيرا ولا تجب نفقته على صاحب المال فإن النفقة عليه مستحبة، وثوابها أعظم من النفقة على غيره من الفقراء، وفي الحديث: "الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة" رواه أحمد، والترمذي، وغيرهما.
ومن لم يكن من الأقارب فقيرا فإن الشرع رغب في صلتهم، وفي الحديث: اتقوا الله وصلوا أرحامكم رواه البيهقي، وحسنه الألباني. ولا شك أن الصلة بالمال نقدا أو على شكل هدية ونحوها يعتبر نوعا من أنواع الصلة، وفي الحديث: "تهادوا؛ فإن الهدية تذهب وحر الصدر" رواه الترمذي. وأعظم من يستحق الصلة الوالدان، ثم الإخوة والأخوات، ثم الأقرب فالأقرب، كما في الحديث: "يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول؛ أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك" رواه أحمد، والنسائي.
وأما غير الأقارب من سائر الناس: فمصارف الزكاة لهم حق في المال إذا توافرت فيه شروط الزكاة، وكذا الكفارات والنذور وغيرها من النفقة الواجبة تدفع لمصارفها، ثم باب الصدقة المستحبة واسع رحب من النفقة على المنكوبين، والمحتاجين، واليتامى، والجيران، وطلبة العلم، ونشره، وغير ذلك من وجوه النفقة المستحبة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها" متفق عليه.
وفي الإنفاق في المباحات بين الشرع الضابط العام وهو عدم الإسراف، وقد قال الله تعالى: { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } [الفرقان: 67]. قال ابن كثير: أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم، بل عدلا خيارا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا، { وكان بين ذلك قواما }، كما قال: { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } .. اهـ.
كن في أمورك كلها متوسطا     عدلا بلا نقص ولا رجحان.

وانظر الفتوى رقم: 194707 عن حد الإسراف وأنواعه، ومثلها الفتوى رقم: 243715.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات