أحوال حرق الجن وحكمه وكيفيته

0 447

السؤال

بارك الله فيكم على مجهودكم وسعة صدوركم: تأكدت منذ أيام بأن السحر الذي بي متجدد، وقد استخدمت آيات الحرق وغيرها والأدعية وأنا أضع يدي على بطني وعلى الجنبين، لأن الجن يعيش هناك ـ والله أعلم ـ وقد خرجت مثل الحبوب الكبيرة محترقة، فهل يجوز حرق الجن؟ وهل الجن يموتون؟ وهل يجوز قتل الجن؟ وهل من الممكن أن ينتقم مني الجن إذا حرقته؟ أحاول بكل ما أستطيع إخراج الجن ولا أبالي إن خرج بروحي، فكيف يستعمل الشيوخ آيات الحرق والتعذيب، لأنني أتألم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن يمن عليك بالشفاء، وأن يعافيك من كل مكروه، أما مسألة قتل الجن: فحكمها حكم قتل الإنس، فإن كان بغير سبب يبيح قتله، فلا يجوز، وأما إن كان قتله لدفع ضرره بحيث لا يمكن دفعه إلا بالقتل فجائز، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الجن إذا اعتدوا على الإنس أخبروا بحكم الله وأقيمت عليهم الحجة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، كما يفعل بالإنس، قال تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ـ ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل حيات البيوت حتى تؤذن ثلاثا، كما في صحيح مسلم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بالمدينة نفرا من الجن قد أسلموا، فمن رأى شيئا من هذه العوامر فليؤذنه ثلاثا، فإن بدا له بعد فليقتله، فإنه شيطان ـ وذلك أن قتل الجن بغير حق لا يجوز كما لا يجوز قتل الإنس بلا حق، والظلم محرم في كل حال، فلا يحل لأحد أن يظلم أحدا ولو كان كافرا، وإن كانت جنية فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنس في صورة حية تفزعهم بذلك والعادي هو الصائل الذي يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلا، وأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك: فلا يجوز. انتهى.

وأما حكم حرق الجن: فهي تبع لمسألة حكم قتلهم وما ذكر من تفصيل فيها، ومما يدل على جواز إحراقهم عند دفع ظلمهم وضررهم ما ذكره بعض الفقهاء من آيات جربت في حرق الجن، فقد ذكر الدمياطي في كتابه إعانة الطالبين من كتب الشافعية، حيث قال: فائدة من الشنواني: ومما جرب لحرق الجن أن يؤذن في أذن المصروع سبعا، ويقرأ الفاتحة سبعا، والمعوذتين، وآية الكرسي، والسماء والطارق، وآخر سورة الحشر من: لو أنزلنا هذا القرآن.... إلى آخرها، وآخر سورة الصافات من قوله: فإذا نزل بساحتهم... إلى آخرها، وإذا قرئت آية الكرسي سبعا على ماء ورش به وجه المصروع فإنه يفيق. انتهى.

ولعل في هذه الفائدة التي نقلها المؤلف جوابا عن سؤالك عن كيفية استعمال الرقاة لآيات الحرق والتعذيب.
وأما سؤالك عن موت الجن: فإنهم يموتون كما في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون.

ولأنهم مشمولون في قول الله تعالى: كل من عليها فان {الرحمن:26}.

وأما انتقام الجن من الإنس: فقد يقع لا سيما إذا ظلمهم الإنسي، وإن أفضل ما يستعان به عليهم عدم ظلمهم وقراءة آية الكرسي والمعوذات والصلاة والدعاء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: وإذا برئ المصاب بالدعاء، والذكر وأمر الجن ونهيهم وانتهارهم وسبهم ولعنهم ونحو ذلك من الكلام حصل المقصود وإن كان ذلك يتضمن مرض طائفة من الجن أو موتهم فهم الظالمون لأنفسهم إذا كان الراقي الداعي المعالج لم يتعد عليهم كما يتعدى عليهم كثير من أهل العزائم فيأمرون بقتل من لا يجوز قتله وقد يحبسون من لا يحتاج إلى حبسه، ولهذا قد تقاتلهم الجن على ذلك ففيهم من تقتله الجن أو تمرضه، وفيهم من يفعل ذلك بأهله وأولاده أو دوابه، وأما من سلك في دفع عداوتهم مسلك العدل الذي أمر الله به ورسوله فإنه لم يظلمهم، بل هو مطيع لله ورسوله في نصر المظلوم وإغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب بالطريق الشرعي التي ليس فيها شرك بالخلق ولا ظلم للمخلوق ومثل هذا لا تؤذيه الجن إما لمعرفتهم بأنه عادل، وإما لعجزهم عنه، وإن كان الجن من العفاريت وهو ضعيف فقد تؤذيه فينبغي لمثل هذا أن يحترز بقراءة العوذ مثل آية الكرسي والمعوذات والصلاة والدعاء ونحو ذلك مما يقوي الإيمان ويجنب الذنوب التي بها يسلطون عليه، فإنه مجاهد في سبيل الله، وهذا من أعظم الجهاد، فليحذر أن ينصر العدو عليه بذنوبه، وإن كان الأمر فوق قدرته، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فلا يتعرض من البلاء لما لا يطيق، ومن أعظم ما ينتصر به عليهم آية الكرسي. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 59018.

والله أعلم.

 
 
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة