حكم وصية المرأة لأولاد ابنها المتوفى

0 199

السؤال

نحن أختان، وثلاثة أشقاء، وولدان لأخي المتوفى قبل والدتي.
وقد تركت والدتي شقة تمليك، وتركت مبلغا من المال يقدر بتسعة عشر ألفا ومائة جنيه، وقد وضعت هذا المبلغ باسم أختي الصغرى في البنك، وأوصتها بأن يصرف على أبناء أخي المتوفى؛ لأنه ليس لأبيهم أي معاش، ولا يدخل في الميراث؛ ولهذا لم يعلم به إخوتي، وكان هذا منذ زمن بعيد، وقد كانت أختي تجهل الأحكام الشرعية للميراث.
وهي الآن تريد أن تعطي إخوتها حقهم في هذا المال. فما حكم وصية والدتي لها؟
وإذا استثمرت جزءا من هذا المبلغ. فما الحكم في المال الزائد نتيجة الاستثمار؟
كما أن هناك مشكلة فيما لو عرف إخوتها ذلك. فكيف ترد هذا المال لهم دون أن يحدث قطع لصلة الرحم؟
أفيدوني أفادكم الله للأهمية، علما بأننا أعطينا أولاد أخي نصيب أبيهم في الشقة.
وهل لأختي الحق أن تخرج زكاة المال، عن المال الذي استثمر دون علم إخوتي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فمقتضى السؤال يدور حول وصية الأم بذلك المبلغ، لابني ابنها المتوفى قبلها، وعينت ابنتها وصية على ذلك المال، وصرفه للموصى لهم.

  وإذا كان كذلك، فإن وصية تلك المرأة بأن يصرف المال على أولاد ابنها المتوفى، تعتبر وصية لغير وارث، والوصية لغير الوارث صحيحة، ماضية ولكن تمضي في حدود الثلث فقط، وما زاد عن الثلث لا بد فيه من رضا الورثة.

  قال ابن قدامة في المغني: الوصية لغير الوارث، تلزم في الثلث من غير إجازة، وما زاد على الثلث، يقف على إجازتهم، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل، في قول جميع العلماء، والأصل في ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فبالثلثين؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير. وقوله عليه السلام: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم، عند مماتكم. اهـ.
فإذا كان ذلك المبلغ الموصى به لهم يساوي ثلث تركة الأم، أو أقل، فهي وصية ماضية، وتصرف على أبناء أخيك المتوفى.

والمطلوب الآن إعلام الورثة بذلك -كما ذكرنا- ولينظروا أيضا هل المبلغ الموصى به يزيد عن الثلث أم لا، ولا تستقل هي بتقدير ذلك، فربما نازعها الورثة في كون المال لا يزيد على الثلث، ولتبين لهم أنها لم ترد حرمانهم من حقهم، وإنما ظنت أنه لا حق لهم فيه بحكم الوصية.

وعلى فرض كون المبلغ يساوي الثلث، أو أقل، فلا حرج عليها في استثمارها لذلك المال إن تعين لمصلحته، وتنميته، ونمائه للموصى لهم. 

قال ابن قدامة: ويتجر الوصي بمال اليتيم، ولا ضمان عليه، والربح كله لليتيم... اهـ.

وهل تجب الزكاة في مال الصبي؟
اختلف الفقهاء في ذلك، فذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن الزكاة تجب في ماله، وأن على الولي إخراجها منه إذا بلغ النصاب، وحال الحول، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ولي يتيما له مال، فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة. أخرجه الدارقطني والبيهقي، والمراد بالصدقة الزكاة، وإنما تأكله بإخراجها. ومذهب الجمهور هو الراجح.
هذا مع التنبيه على أن في المسألة احتمالات كثيرة، ويشق تتبعها، وافتراض حكم كل احتمال منها، ككون الوصية أكثر من الثلث، أو أنها لم تثبت، أو أن الموصى لهم ليسوا صغارا وهكذا، ومثل هذا ينبغي مشافهة أهل العلم به، ولا يكتفى فيه بالسؤال عن بعد. 
كما ننبه على أن شقة التمليك التي ذكرت أن والدتك تركتها، إن كانت ملكا لوالدتك، فإنها من جملة الميراث، وتدخل في تقدير ثلث الوصية، ولا حق لأولاد ابنها فيها؛ لأنهم ليسوا من الورثة، وليس لأبيهم حق فيها ما دام قد مات قبل أمه، إلا أن يتبرع الورثة البالغون، الراشدون بإعطائهم.

والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات