الدعاء والبر من أسباب رضا الوالدين عن الأبناء

0 188

السؤال

أنا مراهقة أعيش في بيت كله مشاكل، ما كان أحد في البيت يفكر في الثاني كل واحد في همه ومشكلته.
لجأت إلى الله ثم لصديقاتي كنت إذا أحسست بضيقة أو بفرحة أذهب وأخبرهم، وكانوا حتى هم يشاركونني بأحزانهم وأفراحهم، ومع ذلك كنت أحلفهم على المصحف أن كلامي ما يطلع لأي شخص، لكن جاء اليوم الذي ما كنت حاسبة حسابه، واحدة منهم فضحتني، أمي عرفت الموضوع وصارحتني بعد ما اعترفت ضربتني، وقالت إنها غير راضية علي، قالت إن الله ما راح يوفقني، سبت شرفي كذلك، وأنا والله إني بنت أطهر من الطهارة، حلفت أنها ستغير تصرفها معي وأنها ستكرهني حياتي.
في تلك الليلة كنت أرجف بشكل غير طبيعي، ودقات قلبي كانت في تسارع، ما ارتحت وما نمت إلا على صوت القرآن، قومتني في اليوم الثاني وهي تصرخ وتسب وتدعو.
ذا الحين أي شيء أفعل؟ فكرت في الانتحار، والله أهم شيء عندي في هذه الحياة رضا أمي علي؛ لأن ما لي بعدها في هذه الدنيا سند.
أعطوني حلا كرهت حياتي، كرهت الكلام الجارح والصد والمعاملة الباردة التي تجيء من أمي.
ساعدوني ما لي إلا الله ثم أنتم.

الإجابــة

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى أن يزيل عنكم الهم، ويفرج الكرب، ويبعد عن عائلتكم فتن الشيطان ويسود فيها الوئام، وأن يرضي عنك أمك، وما ذلك على الله بعزيز، فبادري إلى الدعاء والتضرع بقلب خاشع، عسى الله سبحانه وتعالى أن يعطيك سؤلك بمنه وكرمه، فهو القائل: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون {النمل:62}، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 119608، ففيها بيان آداب وشروط الدعاء.

وإن كانت صديقتك قد أفشت ما أسررت به إليها فقد أساءت بذلك، وخاصة أنك قد استكتمتها هذا السر، فيتأكد بهذا المنع من إفشائه، وانظري الفتوى رقم: 299254.

ولا ريب في أن رضا الأم مطلوب، وفيه خير الدنيا والآخرة، فقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضي الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. فاجتهدي في هذا السبيل مستعينة بالله تعالى، ثم بمن ترجين أن يكون قوله مقبولا عندها، وإن وقع منك تقصير في حقها فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى واستسماحها، ولو لم ترتض العفو عنك، فأكثري من الدعاء لها عسى الله أن يرضيها عنك، سئل الشيخ صالح الفوزان كما في فتاويه سؤالا مفاده:
أنا شاب قد عصيت الله ـ جل وعلا ـ، وشتمت والدي، ولكني ندمت كثيرا، وحاولت معهما أن يسامحاني، ولكن للأسف الشديد ما استطعت إلى ذلك سبيلا؛ فهل أدخل النار؟

فأجاب: "ما دام أنك تبت إلى الله توبة صحيحة؛ فإن الله يتوب عليك، ولكن يجب عليك أن تستسمح والديك؛ لأن هذا حق لمخلوق، ومن شروط التوبة إذا كانت من حق المخلوق: أن يسمح له ذلك المخلوق عن حقه؛ فعليك ببر والديك، والإحسان إليهما حتى يرضيا عنك، عليك ببرهما، والإحسان إليهما، والعطف عليهما, لعلهما يرضيان عنك ـ إن شاء الله تعالى ـ فلا بد من هذا فلا تيأس، ولا تقنط، وتب إلى الله، وأحسن إلى والديك، وسيعطف الله قلوبهما عليك، ويسمحان عنك ـ إن شاء الله ـ"

فأملي خيرا، وأحسني ظنك بربك فهو عند حسن ظن عبده به. وأما الانتحار فخسران وسبيل إلى دار البوار، فادفعي عن خاطرك التفكير فيه، فضلا عن أن تقدمي عليه حقيقة، قال تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما {النساء:29}، وروى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.

فالأمر خطير فأقبلي على الله، واشغلي نفسك بذكره، فقد قال تعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب {الرعد:28}،  

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة