إشكال على حديث: قد سألت الله لآجال مضروبة.... وجوابه

0 180

السؤال

حديث أم حبيبة وقوله صلى الله عليه وسلم: إنك سألت الله لآجال مضروبة... إلخ الحديث، أليس كل شيء مقدر حتى دخول الجنة والنجاة من النار التي وجهها الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاء بها بدلا مما دعت به؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث قد أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود، قال: قالت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية، قالت: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئا قبل حله، أو يؤخر شيئا عن حله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار، أو عذاب في القبر، كان خيرا وأفضل... الحديث.

وأما عن توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة بالدعاء بالعياذ من النار مع أنه مقدر ومفروغ منه شأنه شأن الأجل والرزق، فقد ذكر ابن الجوزي هذا الإشكال وأجاب عنه بقوله: فإن قيل: كيف ردها عن سؤال، وعلل بالقدر وأمرها بسؤال وهو داخل في باب القدر أيضا؟ فالجواب: أن سؤال ما يجلب نفعا في الآخرة ويظهر عبودية من السائل أولى مما يجتلب به مجرد النفع في الدنيا، فأراد منها التشاغل بأمور الآخرة. اهـ.

وقال المازريفإن قيل: فما معنى صرفه لها عن الدعاء بالزيادة في الآجال، لأنها فرغ منها إلى الدعاء بالعياذة من عذاب النار وقد فرغ منه كما فرغ من الأجل؟ قلنا: صدقت في أن الله فرغ من الكل، ولكن هذا الاعتراض من جنس ما قدمناه من قول من قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أفلا ندع العمل؟ لما أخبرهم أن الله قضى بالسعادة والشقاوة فأجابه صلى الله عليه وسلم بما قدمناه، وقد أمر الله بأعمال بر وطاعات جعلها قربى إليه ووعد بأنها تنجي من النار وييسر أهل السعادة لها، فالدعاء بالنجاة من النار من جملة العبادات التي ترجى بها النجاة منها كما يرجى ذلك بالصلاة والصوم ولا يحسن ترك الصلاة والصوم اتكالا على القدر السابق، وكذلك هذا الدعاء ها هنا مع أنه صلى الله عليه وسلم، إنما قال لها: لو سألت الله أن يعيذك من عذاب النار أو عذاب القبر كان خيرا وأفضل ـ ولا شك أن السؤال بالعياذة من النار خير وأفضل من الزيادة في العمر مع عذاب النار، نسأل الله السلامة والعياذ من ذلك. اهـ.  

وأما عن الإشكال المتعلق بعلاقة الدعاء بالقضاء، ومدى تأثيره فيه، مع أن القضاء مكتوب، مبرم لا مرد له: فقد سبق أن فصلنا الكلام على هذه المسألة في فتاوى سابقة، منها الفتاوى التالية أرقامها: 35295، 175281، 273349، فراجعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات