حكم الدعاء على الظالم بعد مسامحته

0 142

السؤال

لقد تعرضت للتحرش، وخوفا من المتحرش في نفس اللحظة طلب مني أن أسامحه، فقلت له في المرة الأولى: إني سامحته، وبعد اتصال هاتفي منه قال لي: إنه يريد خطبتي، فلم أقبل، وخفت منه، وقلت له: إني سأسامحه بشرط أن يبتعد عني نهائيا، وكنت أقصد أني أسامحه، أي لا أشتكي عليه عند الشرطة، وكل هذا حدث بعد دقائق من التحرش، ولكن الآن قلبي يحرقني؛ لأني لا أريد مسامحته عند الله، فهل يجوز لي قول: "حسبي الله ونعم الوكيل"، والدعاء عليه أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن ما فعله معك ذلك الشخص ذنب قبيح، وسلوك مشين، وهو ظلم لك، ومن ثم؛ فإن كنت تعلمين في قرارة نفسك أنك لم تسامحيه بحقك، فيشرع لك الدعاء عليه؛ لأنك مظلومة، والمظلوم يشرع له الدعاء على من ظلمه، بل إن دعوته عليه من الدعوات المستجابات؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.

وإن كنت قد سامحته فلا يشرع لك الدعاء عليه، إلا إذا كنت عفوت عنه على شرط لم يتحقق، وقد سبقت الإشارة إلى هذا في الفتوى رقم: 133725، وانظري أيضا الفتوى رقم: 197221.

ثم إن الدعاء على الظالم مقيد بعدم الدعاء عليه بأعظم من جنايته، وتراجع الفتوى رقم: 28754.

وننصح الأخت السائلة بالعفو والصفح عن الشخص المذكور الذي ظلمها، وبالدعاء له بالهداية والصلاح؛ فإن ذلك أفضل لها من الدعاء عليه؛ قال الله تعالى: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم {النــور:22}، وقال -عز وجل-: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين {الشورى:40}.

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ... الحديث. رواه مسلم، وغيره، وراجعي الفتوى رقم: 27841.

وأما قول "حسبنا الله ونعم الوكيل": فليس من قبيل الدعاء على الظالم؛ بل هو اعتصام بالله، وركون إليه، وقوله مشروع في كل الأحوال، وانظري الفتوى رقم: 11808.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة