إذا صلحت النية فقد يبلغ العبد بها ما لا يبلغه العاملون بأعمالهم

0 121

السؤال

قد خلق الله الناس مختلفين في قدراتهم الذهنية، وصحتهم، ومالهم؛ فقد يكون إنسان فقيرا يريد فعل خير وصدقات، ولكنه لا يملك المال، وقد يريد إنسان مريض القيام بأعمال خيرية، ولكنه لا يقدر عليها، وقد يريد إنسان حفظ وفهم أشياء في أمور الدين للعمل بها، ولكن قدرته الذهنية لا تساعده، فهل في هذا تقصير؟ وهل يحاسب على عدم فعل ما كان يريد فعله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننبه السائل الكريم أولا إلا أن المؤاخذة إنما تكون على ترك واجب، أو فعل محرم، وهذه الأمثلة التي أوردها ليس فيها شيء من ذلك، بل هي أمور مستحبة، ولا محاسبة عليها، ولو لم يكن للمرء عذر في تركها.

وعلى أية حال؛ فإن شأن النية عظيم، وخطرها جسيم، وهي إذا صلحت فقد يبلغ العبد بها، ولو لم يصحبها عمل ما لا يبلغه العاملون بأعمالهم، وقد دلت النصوص بكثرة على أن من نوى العبادة، وكان صادقا في نيته، وحيل بينه وبين فعله بأمر خارج عن إرادته، فإن له ثواب الطائعين؛ قال الله -عز وجل-: ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله {النساء:100}. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: من طلب الشهادة صادقا، أعطيها، ولو لم تصبه.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: وفي الرواية الأخرى: من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه. معنى الرواية الأولى مفسر من الرواية الثانية، ومعناهما جميعا: أنه إذا سأل الشهادة بصدق أعطي من ثواب الشهداء، وإن كان على فراشه. وفيه استحباب سؤال الشهادة، واستحباب نية الخير. انتهى.

وفي جامع الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا؛ فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو ونيته، فأجرهما سواء ... الحديث. وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا مرض العبد، أو سافر كتب له بمثل ما كان يعمل مقيما صحيحا. رواه البخاري.

فتبين مما سبق: أن من نوى الخير (من صدقة, أو حفظ علم, أو أعمال خيرية) ثم عجز عنه لمرض, أو غيره, فإنه يكتب له ثواب ما نواه إذا علم الله منه صدق النية, وأنه لم يمنعه من فعل الخير إلا عدم القدرة عليه. 

وراجع المزيد عن هذا الموضوع في الفتوى رقم: 153195.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات