حكم مَن شك في الطلاق، وضابط الإكراه في الزواج

0 111

السؤال

إذا أخذ المرء برأي يوقع الطلاق في مسألة، وهناك رأي آخر لا يوقع الطلاق، ثم عدل بعد ذلك للرأي الذي لا يوقع الطلاق، فهل يقع طلاقه بمجرد تبني الرأي الذي كان يقع به الطلاق لوقت ما؟ مع العلم أنه كان يعلم بالآراء جميعها في حال الطلاق.
ما هو ضابط عدم الأخذ بمن شك هل طلق أم لا؟ هل غلبة الظن أم تحري ذلك؟ أي: هل عليه أن يجتهد في تحري ذلك؟ وهل يؤخذ بغلبة الظن؟ وما مقدار الذي يقال عليه: إنه شك فعلا؟
ما ضابط الإكراه في الزواج؟ أي: هل خجل الزوجة، أو خوفها يعد إكراها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن أخذ بقول من يوقع الطلاق في مسألة معينة، فليس له عند أكثر أهل العلم الرجوع إلى القول الآخر بعدم وقوع الطلاق في نفس الحادثة، وبعض العلماء يرى جواز الرجوع ولو في نفس الحادثة، وراجع الفتوى رقم: 186799، والفتوى رقم: 186941.

وإذا حصل شك في وقوع الطلاق لم يلتفت للشك؛ لأن الأصل بقاء النكاح؛ قال المجد ابن تيمية -رحمه الله-: إذا شك في الطلاق، أو في شرطه بني على يقين النكاح. المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (2/ 60).

والمراد بالشك هنا: عدم اليقين؛ فلو ظن وقوع الطلاق مع وجود احتمال بعدم الوقوع، لم يقع طلاقه؛ قال الرحيباني الحنبلي -رحمه الله- :  ... والمراد هنا مطلق التردد بين وجود المشكوك فيه من طلاق، أو عدده، أو شرطه وعدمه؛ فيدخل فيه الظن والوهم، ولا يلزم الطلاق لشك فيه، أو شك فيما علق عليه الطلاق. مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (5/ 467).

وضابط الإكراه في الزواج: أن يحصل العقد من غير رضا، واختيار من أحد الزوجين؛ بسبب تهديد بالقتل، أو الإيذاء الشديد ممن يقدر عليه، أما مجرد الخجل، أو الخوف مما لا يعظم به الضرر، فليس بإكراه معتبر؛ جاء في الشرح الصغير للدردير المالكي -رحمه الله-: ومثله -أي: مثل: الطلاق في الإكراه المتقدم- ذكره العتق، والنكاح، والإقرار، واليمين ... والإكراه فيما ذكر يكون بخوف، أو ضرب مؤلم.

وفي حاشية الصاوي: حاصله أن الأمور المتقدمة من طلاق، وأيمان لغيره، ونكاح، وعتق، وإقرار، وبيع، وإجارة، وسائر العقود، يتحقق فيها الإكراه بالخوف من القتل، وما معه.

وقال المرداوي الحنبلي -رحمه الله-: يشترط للإكراه شروط:

أحدها: أن يكون المكره -بكسر الراء- قادرا بسلطان، أو تغلب، كاللص، ونحوه.

الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به، إن لم يجبه إلى ما طلبه، مع عجزه عن دفعه، وهربه، واختفائه.

الثالث: أن يكون ما يستضر به ضررا كثيرا، كالقتل، والضرب الشديد، والحبس، والقيد الطويلين، وأخذ المال الكثير. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 440).

وقد سبق لنا بيان الفرق بين نكاح المكرهة ونكاح الكارهة، في الفتوى رقم: 13901، والفتوى رقم: 164219.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة