حكم الترجمة من حيث الحل والحرمة كحكم الكتابة ابتداء

0 116

السؤال

أنا أعمل مراجعا للترجمات العربية، وعملي يقتضي الموافقة على الترجمات، أو رفضها من حيث الجودة، وفي بعض الأحيان تقابلني ترجمات فيها إهانة لله، أو أشياء كفرية لا يوافق عليها الإسلام، فما الحكم في الموافقة على هذه الترجمات؟ وهل من الكفر الموافقة على نشرها؟ علما أنها ليست ترجماتي، وأنني لست مؤمنا بما تذكره، وأنني أوافق عليها وأنا كاره لهذا.
وصادفتني أيضا ترجمة فيديو، وكان الشخص في الفيديو يقول: "المسيح عيسى" بالإنجليزية، والأجانب النصارى قد يقولونها ليعبروا عن تعجبهم، أو استياءهم، أو هكذا، كما نقول نحن "يا ربي"، فترجمها المترجم "يا إلهي"، ووافقت على نشر هذه الترجمة لكونها لم يكن بها مشاكل تجعلها ترجمة غير جيدة، فما الحكم في هذا؟ وهل أكون بفعلي هذا كافرا؟ فهذا الأمر يشغل بالي كثيرا، مع العلم أنني لا أعرف نية المترجم، ولا أعرفه شخصيا، ولا يمكنني الوصول إليه وسؤاله، وقد يكون ترجمها حسب الموقف، وهو التعجب؛ فكتب" يا إلهي" كما نقول نحن "يا إلهي" عند التعجب، أو المصيبة، ففي بعض الأحيان نترجم حسب الموقف، وليست ترجمة حرفية، وهو الأرجح الذي حصل هنا، وليس لأنه مؤمن بأن المسيح عيسى رب.
أفتونا من فضلكم؛ فأنا قلق جدا من أن أكون قد خرجت من الملة لمجرد نشري لترجمة مثل هذه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فينبغي التفريق في جواب هذا السؤال بين مقام الكفر ومقام الحرمة؛ فحكم الترجمة من حيث الحل والحرمة كحكم الكتابة ابتداء، فكل ما لا يجوز للمسلم كتابته من العبارات لا يجوز له ترجمته، إلا لمصلحة شرعية، كالتحذير منه، وبيان حال كاتبه، وراجع في ذلك الفتويين: 118575، 135920.

وأما الحكم بالكفر: فيختلف بحسب حال المترجم؛ فمن ترجم كلام الكفر راضيا ومقرا به، أو مستحسنا له؛ فحكمه حكم قائله.

وأما من ترجمه مع إنكاره، وكرهه: فلا يحكم بكفره؛ لأن ناقل الكفر ليس بكافر، والمترجم إنما يكتب ما يكتب ناسبا معناه إلى غيره، وهو الأصل المترجم؛ فحاله أخف ممن ينطق بكلمة الكفر أثناء قيامه بتمثيل دور الكافر فيما يسمى بالأعمال الفنية، وقد سبق أن نقلنا كلام الشيخ ابن عثيمين في أنه ليس بكافر؛ لأنه يقوم بما يقوم به ناسبا إياه إلى غيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 168195. وتجد فيها التنبيه على أن الحكم بالحرمة يكفي للزجر عن مثل هذا، وأعظم منه أن يختلف في كفر من فعله.

ولا يختلف حكم مراجع الترجمة عن حكم المترجم نفسه؛ لاشتراكهما، وتعاونهما على إظهار هذا العمل المترجم، وقد قال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [المائدة: 2].

وعلى ذلك؛ فيجب على السائل ترك العمل في ترجمة المعاني الكفرية، وغيرها مما يحتوي على محاذير شرعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى