الرؤية الشرعية في الطالع وتأثيره

0 120

السؤال

أود الإستفسار عن فقرة قرأتها من إحدى الفتاوى على موقعكم . . . وغاية ما يقول الفلكي أن يبني علمه على مولد شخص مما في طالع معين. وهذا القدر لا يؤثر وحده في أحوال هذا المولد بل غاية ذلك أن يكون جزءا يسيرا من جملة الأسباب، وهذا القدر لا يوجب ما ذكر، بل ما علم حقيقة تأثيره فيه مثل حال الوالدين والبلد الذي نشأ فيه فهذه مثلا أسباب محسوسة في أحوال المولود، ومع ذلك فليست بمستقلة لمعرفة حاله. . . هل هذا يعني أن للطالع سببا يسيرا من أسباب التأثير في الإنسان، سيما وقد درسنا سابقا في مادة الأحياء أن لضوء القمر تأثيرا في الدورة التناسلية لبعض الحشرات، كما يقول بعض العلماء بأن جاذبية القمر في الأيام البيض تزيد فتؤثر على السوائل في جسم الإنسان وذلك ينعكس سلبا على مزاجه، أرجو توضيح ما سبق جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته كنا قد ذكرناه بالفعل بالفتوى رقم: 5827، ولكن الكلام على سبيل التنزل، وليس فيه التصريح بأن الطالع جزء سبب، ففي العبارة: بل غاية ذلك أن يكون جزءا يسيرا من جملة الأسباب. وهذا القدر لا يوجب ما ذكر، بل ما علم حقيقة تأثيره فيه مثل حال الوالدين والبلد الذي نشأ فيه، فهذه مثلا أسباب محسوسة في أحوال المولود. انتهى.

فالمعنى: أنه على أعلى الاحتمالات أن يكون شيئا من السبب لا يمكن اعتباره، وعبارة "بل ما علم حقيقة تأثيره" تبين لك أن الأمر مجرد تنزل في الخطاب، وأنه ليس حقيقة.

ولا نعلم دليلا يصلح التعلق به على أن هذه الطوالع أسباب، بل الأدلة على ضد ذلك؛ روى مسلم -واللفظ له- وأحمد، والترمذي: عن ابن شهاب حدثني علي بن حسين أن عبد الله بن عباس قال: أخبرني رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمي بنجم فاستنار، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، كنا نقول: ولد الليلة رجل عظيم، ومات رجل عظيم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا -تبارك وتعالى اسمه- إذا قضى أمرا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال. قال: فيستخبر بعض أهل السماوات بعضا حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا، فتخطف الجن السمع، فيقذفون إلى أوليائهم، ويرمون به، فما جاءوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون.

قال الأشقر في عالم الجن والشياطين: ومعرفة السبب الذي من أجله يرمى بشهب السماء قضى على خرافة كان يتناقلها أهل الجاهلية. (قصد بالخرافة: دلالة الطالع على موت عظيم أو ولادة عظيم)، وذكر هذا الحديث.

ونظير ذلك قوله في حديث الصحيحين: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته...".

وأما ما ذكرته عن أثر ضوء القمر أو المد والجزر في الأيام القمرية: فبعضه صحيح، ولكن هذا التأثير لا يمكن أن يبنى عليه أن من ولد في هذا الوقت كان مزاجه كذا على الدوام. وقريب من ذلك ما يذكره بعض الأطباء من حكمة صوم الثلاثة أيام القمرية؛ كما ذكرنا في الفتوى رقم: 11244. لكن هذا لا يبنى عليه معرفة المستقبل، ولا الحكم على أحد ولد في وقت كذا بأنه يكون على صفة معينة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات