واجب الابن تجاه أمّه التي تسيء لأبيه

0 137

السؤال

أبي مريض بالسرطان منذ سنتين أو أكثر، وأمي كانت في البداية تعامله معاملة حسنة وتساعده، وبعد سنة أصيب بمرض القلب، وهذا ما دفعه لعدم الغضب عليها، والهدوء في معظم المواقف، ومن ثم؛ فهي استغلت الموقف لتنظر لنفسها فقط، ونسيت حالها، وأصبحت ترفع صوتها عليه، وتجرحه كثيرا بالكلام، ويسكت عنها من أجل قلبه، ولا أستطيع أن أغير ما بأمي إلا بالقرآن، والفتاوى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يشفي أباك، ويمتعه بالصحة والعافية، ونسأله أن يصلح حال أمك، ويرزقك برهما، ورضاهما، ومن برهما أن تكثر من الدعاء لهما بخير، فإن ربنا قريب مجيب، قال سبحانه: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}، وانظر آداب الدعاء وشروطه وأسبابه في الفتوى رقم: 119608.

والحياة الزوجية مجال رحب لأن يكسب كل من الزوجين رضا الله تعالى بحسن معاشرته للآخر، قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم {البقرة:228}.

وللزوجة نصيب كبير من هذا، روى أحمد عن الحصين بن محصن: أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم: فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك أو نارك. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

 وروى النسائي في السنن الكبرى عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها، ثم تقول: والله لا أذوق غمضا حتى ترضى

فهذه بعض النصوص في فضل بر الزوجة بزوجها، وإحسانها إليه، وفي المقابل هنالك نصوص تحذر من إساءة الزوجة لزوجها، وإغضابها له، ونشوزها، وتعاليها عليه، حتى أن الشرع جعل للزوج حق تأديبها على النشوز، كما بيناه في الفتوى رقم: 1103.

وروى الترمذي عن عمر بن الحارث بن المطلق قال: كان يقال: أشد الناس عذابا يوم القيامة اثنان: امرأة عصت زوجها، وإمام قوم وهم له كارهون.

 وقد ذكر أهل العلم أن سخط الزوج سبب لسخط الرب، مستفيدين ذلك من الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح.

قال المناوي في فيض القدير: وفيه أن سخط الزوج يوجب سخط الرب، وإذا كان هذا في قضاء الشهوة، فكيف به في أمر دينها؟ وأن الملائكة تدعوا على العصاة، وأن دعاءهم من خير أو شر مقبول؛ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم خوف بذلك. اهـ. 

  فنوصيك بالترفق بأمك، والتلطف بها، وبذل النصح لها بالحسنى، مستضيئا بهذه النصوص التي أوردنا، مذكرا لها بأن هذه اللحظات التي ينبغي أن يكون فيها مزيد وفاء لزوجها؛ لقول الله تعالى: ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير {البقرة:237}.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان: فانظر ما في هذه الآية من الحض على مكارم الأخلاق من الأمر بالعفو، والنهي عن نسيان الفضل. اهـ.

ألهم الله عز وجل أمك رشدها، وهداها لصواب أمرها بمنه وكرمه، إنه على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير.  

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة