عقوبة إيذاء الوالد أو هجره

0 79

السؤال

والدي قام بالعديد والعديد من المواقف السيئة، على مدار سنوات، أوصلني إلى مرحلة الكره، وانعدام شعور الأبوة تماما، كنت أتحلى بالصبر على مدار أكثر من 8 سنوات من أجل صلة الرحم، واحتساب الأجر عند الله، حتى حدث آخر موقف منذ 7 شهور تقريبا، عندما أخبرت به لم أعد أستطيع التحدث معه؛ لأني لو حدثته لتجاوزت وتطاولت، وأنا حاليا أتجنبت الكلام حتى لا أفعل شيئا يغضب الله. لا أستطيع تماما رؤيته، ولا حتى التحدث معه عبر الهاتف؛ لتعمده إيذاءنا وتضييع حقوقنا.
ما حكم الدين في هذه الحالة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فمهما كان والدك ظالما لك، فإن ذلك لا يسقط حقه عليك، فحق الوالدين عظيم ولو أساءا، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، وانظر الفتوى رقم: 114460
وعليه؛ فلا يجوز لك قطع والدك، ولا الإساءة إليه بقول أو فعل. أما كراهية القلب له بسبب ظلمه، فهذه لا مؤاخذة عليها، لكن الواجب ألا تحملك الكراهية على العقوق والاعتداء.

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: نعم، الأمر كما قالت السائلة أن الإنسان لا يملك الحب أو البغض، فهو أمر يضعه الله تعالى في القلب، لكن الإنسان يجب عليه ألا يتأثر بهذا الحب إلا بمقدار الحكم الشرعي. اهـ.
فإن كان والدك يظلمك، فانصحه في ذلك برفق وأدب، أو وسط بعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم ليكلموه في ذلك، لكن عليك أن تبره وتحسن صحبته، فجاهد نفسك، وخالف هواك، واحذر من إيذاء والدك أو هجره، فإن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط الله على العبد، ومن الذنوب التي تعجل عقوبتها في الدنيا، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين -وجلس وكان متكئا فقال:- ألا وقول الزور وفي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وفيه أيضا: باب عقوبة عقوق الوالدين:- عن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من ذنب أجدر أن يعجل لصاحبه العقوبة، مع ما يدخر له، من البغي، وقطيعة الرحم.
كما أن بر الوالد والإحسان إليه من أعظم القربات، ومن أحب الأعمال إلى الله، ومن أعظم أسباب دخول الجنة، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله-: قال القاضي: أي خير الأبواب وأعلاها، والمعنى أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية مطاوعة الوالد، ومراعاة جانبه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة