هل الأموات يتزاورون؟ وهل يجوز نبش القبر لنقله بجنب قريبه؟

0 118

السؤال

توفيت ابنتي وعمرها سنتان، ودفنت في سورية، والآن توفيت ابنتي الثانية وعمرها 12 سنة، ودفنت في تركيا، فهل الأختان، والأهل من الموتى يرون بعضهم، ويزورون بعضهم؟ وإذا كانوا لا يرون بعضهم؛ لبعد المسافة، فهل يجوز نقل الجثة إلى بلدها بعد فترة؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإننا أولا: نسأل الله أن يعظم أجرك، ويعوضك خيرا، ونبشرك بالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، عن أبي حسان، قال: قلت لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنان، فما أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا؟ قال: قال: نعم، صغارهم دعاميص الجنة، يتلقى أحدهم أباه -أو قال: أبويه-، فيأخذ بثوبه -أو قال: بيده-، كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا، فلا يتناهى، أو قال: فلا ينتهي- حتى يدخله الله وأباه الجنة.

وأما هل يتزاور الأقارب من الموتى: فقد ذكر بعض أهل العلم أن الموتى المنعمين يتزاورون، قال ابن القيم في كتاب الروح: أرواح الموتى هل تتلاقي وتتزاور، وتتذاكر أم لا؟ وهي أيضا مسألة شريفة، كبيرة القدر.

 وجوابها: أن الأرواح قسمان: أرواح معذبة، وأرواح منعمة. فالمعذبة في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي، والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة، تتلاقى، وتتزاور، وتتذاكر ما كان منها في الدنيا، وما يكون من أهل الدنيا. اهـ.

وجاءت السنة ببيان تلاقي أرواح المؤمنين في البرزخ، واستقبالهم لمن يأتي إليهم من بعدهم، وسؤالهم إياهم عن أهل الدنيا، كما في حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا حضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء، فيقولون: اخرجي راضية مرضيا عنك، إلى روح الله، وريحان، ورب غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك، حتى أنه ليناوله بعضهم بعضا، حتى يأتون به باب السماء، فيقولون: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض، فيأتون به أرواح المؤمنين، فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه، يقدم عليه، فيسألونه: ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه، فإنه كان في غم الدنيا، فإذا قال: أما أتاكم؟ قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية .. رواه النسائي، وصححه الألباني.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأرواح الأحياء إذا قبضت تجتمع بأرواح الموتى، ويسأل الموتى القادم عليهم عن حال الأحياء، فيقولون: ما فعل فلان؟ فيقولون: فلان تزوج. فلان على حال حسنة، ويقولون: ما فعل فلان؟ فيقول: ألم يأتكم؟ فيقولون: لا، ذهب به إلى أمه الهاوية، وأما أرواح الموتى فتجتمع: الأعلى ينزل إلى الأدنى، والأدنى لا يصعد إلى الأعلى. اهــ.

ولا علاقة لبعد مساقة القبور في التلاقي والتزاور.

ولا يجوز نبش القبر لمجرد نقله ودفنه بجنب قريبه، أو في بلده، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة تعقيبا على طلب إحدى الحكومات الإسلامية بنقل جثمان ميت من زعمائها الوطنيين مات في الحج، ودفن في مكة، فطلبت حكومة بلاده نقله لبلاده ليدفن فيها.

فأجابت اللجنة بقولها: إذا كان الواقع كما ذكر، فلا يجوز نقل جثة الميت المذكور من قبره بعرفة إلى مكان ميلاده بأندونيسيا؛ صيانة للمتوفى نفسه، وحفظا لحرمته، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه -رضي الله عنهم- لم يفعلوا مثل هذا الأمر، وما ذكر في الاستفتاء ليس مسوغا شرعيا لنقله. اهــ.

والله تعالى أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة