الدعاء بتعجيل الموت على حسن الخاتمة.. رؤية شرعية

0 171

السؤال

هل دعاء الله أن يعجل بحسن الخاتمة، يعد تعديا في الدعاء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالظاهر أن الدعاء بتعجيل الموت على حسن الخاتمة، ليس من التعدي في الدعاء، إذا كان سبب الدعاء حسن الظن بالله، أو شوقا إلى لقاء الله عز وجل، أو خشية أن يفتن في دينه.

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- كما في مجموع رسائله: وقد كان كثير من السلف يتمنى الموت، وهم أقسام:

منهم من يحمله حسن الظن بالله على حب لقائه، إما لما له عنده من كثرة الطاعات، أو لما عنده من محبة الله عز وجل، فيحسن ظنه به، كما قال بعض السلف: لقد سئمت من الحياة، حتى لو وجدت الموت يباع لاشتريته، شوقا إلى الله وحبا للقائه، فقيل له: أفعلى ثقة أنت من عملك؟ قال: لا، لكن لحبي إياه وحسن ظني به، أفتراه يعذبني وأنا أحبه؟!
وكان بعضهم ينشد في هذا المعنى:
وزادي قليل ما أراه مبلغي ... أللزاد أبكي أم لطول مسافتي؟
أتحرقني بالنار يا غاية المنى ... فأين رجائي فيك أين محبتي؟
ومنهم من يتمنى الموت شوقا إلى لقاء الله عز وجل. وسنذكر أخبارهم في الكلام على آخر الحديث إن شاء الله تعالى.

وتمني الموت لمن يثق بعمله له أحوال:
تارة يتمنى الموت لضر نزل به، وهذا منهي عنه، وصاحبه إن لم يثق بعمله، كالمستجير من الرمضاء بالنار؛ فإنه لا يدري لعله يهجم بعد الموت على ما هو أعظم وأشد مما هو فيه، فإن وثق بعمله، فقد تمناه للضر بعض السلف.
وتارة يتمناه خشية فتنة في الدين، فهذا جائز عند أكثر العلماء، وقد تمناه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في آخر حجة حجها، فإنه قال: "اللهم إنه قد كبرت سني، ورق عظمي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع، ولا مفتون". فقتل في ذلك الشهر.
وتمنت زينب بنت جحش -رضي الله عنها- لما جاءها عطاء عمر فاستكثرته، وقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعدها، فماتت قبل أن يدركها عطاء ثان لعمر.

وسأل عمر بن عبد العزيز من ظن به إجابة الدعاء، أن يدعو له بالموت، لما ثقلت عليه الرعية، وخشي العجز عن القيام بحقوقهم.

وطلب كثير من السلف الصالح إلى بعض الولايات؛ فدعوا لأنفسهم بالموت فماتوا، واشتهر بعضهم، واطلع على بعض عمل أحدهم، أو معاملته مع الله فدعا لنفسه بالموت، فمات، وفي الحديث: "وإذا أردت بقوم فتنة، فاقبضني إليك غير مفتون". انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة