0 98

السؤال

تنتشر على مواقع التواصل الكثير من الحالات المرضية العاجلة، التي تحتاج إلى تبرعات بالدم، أو مساعدات مادية. وأنا أتبرع -بفضل الله- بالدم باستمرار كلما أمكن، وأقوم بالمساعدة المادية في بعض هذه الحالات، وفي حالات أخرى لا أساعد، فأتبرع ببعض المال، وأحتفظ بالبعض الآخر لنفسي.
فهل علي في ذلك إثم، لاسيما وأني ما زلت طالبا، ووالدي ينفق علي، أي أن هذا المال الذي أحتفظ به، يكون بغرض شراء ما يزيد عن حاجاتي الأساسية، أو ادخاره، وأخشى أن أكون السبب في وفاة الشخص المريض، أو زيادة مرضه؟
وهل يحرم علي بذلك أن أدخر أي شيء لنفسي؟ وهل يجب علي كذلك أن أخبر الآخرين بهذه الحالات، وأنشرها على المواقع والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حتى يقوموا بالتبرع لها، أو مساعدتها ماديا؟ هل يلحقني الإثم إن لم أفعل ذلك، ومات في النهاية ذلك الشخص، أو ازداد مرضه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فزادك الله على الخير حرصا، وجزاك على فعلك خيرا.
 وأما سؤالك، فجوابه: أنه لا إثم عليك في شيء مما ذكرت، بل أنت محسن، مشكور، ومأجور إن شاء الله؛ فأنت تتبرع بالدم كلما أمكنك ذلك، وتتبرع ببعض مالك في بعض الحالات. والمرء لا يجب عليه أن يتصدق بكل ماله، بل لا يشرع له ذلك إن كان يضره ويحوجه إلى غيره.

 وادخار بعض المال للحاجة مشروع، بل هو خير للمرء من إنفاق جميع ماله، فعن كعب بن مالك -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله؛ إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك؛ فهو خير لك. رواه البخاري ومسلم. قال ذلك صلى الله عليه وسلم برغم وجود المرضى، والفقراء والمحتاجين في زمنه صلى الله عليه وسلم. وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 191905، 114410، 3234.

 وكذلك إخبار الآخرين بهذه الحالات، ونشرها على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، هو من جملة الخير، والسعي المشكور، ولكن لا يتعين على السائل فعله، بحيث يأثم إذا تركه، فإن الحكم بالإثم لا بد له من دليل، ولا نعلم دليلا على ذلك، ما لم يترتب على عدم الإعلان عن حالة المريض ضرر محقق به، فعندئذ يكون الإعلان عنه من باب إنقاذ المسلم، والسعي في إزالة الضرر عنه، وهو أمر مطلوب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة