العمل في تصميم مقهى فيه بعض المنكرات

0 72

السؤال

طلب من مهندس تصميم وتزيين مقهى يقصده الذكور والإناث، ويجلسون فيه مختلطين، وتباع فيه النارجيل، وتشرب فيه السجائر، ولكن لا تباع، فهل يحل للمهندس أخذ أجرة تصميمه، أو تزيينه كله، أو بعضا منه؟ وإذا كان ذلك حراما، وسبق من المهندس الوعد أو البدء بإنجاز العمل المذكور، ولم يمكنه الرجوع فهل له أن يتمه، ويتصدق بالأجرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا المقهى يغلب على رواده، واستعمالاتها الفساد والمعاصي -كما هو ظاهر السؤال- فلا تجوز الإعانة على إقامتها، وتجهيزها؛ لأن القاعدة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وقد سبق لنا بيان هذه القاعدة في الفتوى رقم: 50387.

فما يوصل إلى الحرام حرام، وما لا يتم ترك الحرام إلا بتركه، فتركه واجب، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، وقد قال الله عز وجل: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان {المائدة:2}.

وراجع للفائدة عن هذا المعنى، الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 15930، 26979، 12572، 168225.

وبهذا يتبين أن الإشكال ليس في أخذ الأجرة، وإنما هو في إتمام إقامة المقهى، وتجهيزه للعمل؛ لأن ذلك هو ذريعة الشر.

وأما الأجرة فهي على عمل مباح في ذاته، وإنما منع منه من أجل ما يفضي إليه، ويعين عليه، وهذا قريب من باب سد الذرائع؛ فالذرائع: هي الأشياء التي ظاهرها الإباحة، ويتوصل بها إلى فعل محظور. ومعنى سد الذريعة: حسم مادة وسائل الفساد؛ دفعا لها، إذا كان الفعل السالم من المفسدة وسيلة إلى مفسدة، كما جاء في  (الموسوعة الفقهية).

فالشريعة الغراء قد سدت باب الذرائع المفضية إلى الحرام، فحرمتها، ونهت عنها، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية.

وقال في (الفتاوى الكبرى): الذريعة ما كان وسيلة وطريقا إلى الشيء, لكن صارت في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل محرم, ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة؛ ولهذا قيل: الذريعة: الفعل الذي ظاهره أنه مباح، وهو وسيلة إلى فعل المحرم. اهـ.

والمقصود أن الاهتمام بعدم المشاركة في بناء وتجهيز مثل هذا المقهى، أهم وآكد من التورع عن أجرة العمل في ذلك.

ثم إن ترك مثل هذا العمل ابتداء، أو عدم إتمامه بعد البدء فيه، مع بيان السبب في ذلك: يعد من النصيحة لصاحب المقهى، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى