هل مناقشة الحساب خاصة بالكفار والمنافقين؟

0 92

السؤال

هل الذي يحاسب حسابا عسيرا -والعياذ بالله- الكافر والمنافق فقط، أم الفاسق أيضا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن مناقشة الحساب ليست خاصة بالكفار والمنافقين، بل يناقش الحساب أيضا بعض عصاة الموحدين الذين رجحت سيئاتهم على حسناتهم، قال الدكتور عمر الأشقريتفاوت حساب العباد، فبعض العباد يكون حسابهم عسيرا، وهؤلاء هم الكفرة المجرمون، الذين أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، وتمردوا على شرع الله، وكذبوا بالرسل، وبعض عصاة الموحدين قد يطول حسابهم، ويعسر بسبب كثرة الذنوب وعظمها.

........ وبعض العباد يحاسبون حسابا يسيرا، وهؤلاء لا يناقشون الحساب، أي: لا يدقق، ولا يحقق معهم، وإنما تعرض عليهم ذنوبهم، ثم يتجاوز لهم عنها.

وهذا معنى قوله تبارك وتعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه- فسوف يحاسب حسابا يسيرا) [الانشقاق: 7-8]، ففي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله تعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه- فسوف يحاسب حسابا يسيرا) [الانشقاق: 7-8]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا هلك".

قال النووي في شرحه للحديث: "معنى نوقش الحساب: استقصي عليه. قال القاضي: وقوله: (عذب) له معنيان:

أحدهما: أن نفس المناقشة، وعرض الذنوب، والتوقيف عليها، هو التعذيب؛ لما فيه من التوبيخ.

والثاني: أنه مفض إلى العذاب بالنار، ويؤيده قوله في الرواية الأخرى: (هلك) مكان: (عذب)، هذا كلام القاضي.

قال النووي: وهذا الثاني هو الصحيح، ومعناه: أن التقصير غالب في العباد، فمن استقصي عليه، ولم يسامح، هلك، ودخل النار، ولكن الله تعالى يعفو، ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء".

ونقل ابن حجر عن القرطبي في معنى قوله: "إنما ذلك العرض" قال: "إن الحساب المذكور في الآية، إنما هو أن تعرض أعمال المؤمن عليه؛ حتى يعرف منة الله عليه في سترها عليه في الدنيا، وفي عفوه عنها في الآخرة".

والمراد بالعرض - كما هو ظاهر من هذه الأحاديث- عرض ذنوب المؤمنين عليهم؛ كي يدركوا مدى نعمة الله عليهم في غفرانها لهم. اهـ.

وفي التذكرة للقرطبي: قال بعض العلماء: ذكر الله تعالى الحساب جملة، وجاءت الأخبار بذلك، وفي بعضها ما يدل على أن كثيرا من المؤمنين يدخلون الجنة بغير حساب، فصار الناس إذن ثلاث فرق: فرقة لا يحاسبون أصلا، وفرقة تحاسب حسابا يسيرا، وهما من المؤمنين، وفرقة تحاسب حسابا شديدا، يكون منها مسلم وكافر. اهـ.

وقال عبد العزيز الراجحي: أهل الجنة طبقات:

الطبقة الأولى: يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ولا عرض -نسأل الله الكريم من فضله-.

الطبقة الثانية: من يحاسب حسابا يسيرا، فيدخل الجنة بغير سوء، ولا عذاب أيضا، بمعنى أنها تعرض عليه أعماله.

الطبقة الثالثة: من يناقش الحساب ثم يعذب، وهم موحدون، ولا بد أن يخرجوا من النار. اهـ.

وراجع الفتوى رقم: 152613، والفتوى رقم: 244813.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة