هجر ابن العم وابنه لسوء أخلاقهم

0 64

السؤال

منذ سنة أراد عمي أن يغتصب خمسة أمتار من أرضنا الزراعية: إما أن يأخذها، وإما أن يقاطعنا، فلم نوافق على هذا الظلم، فقاطعنا، وحاولنا الصلح، لكنه يقول للأطراف الوسيطة للصلح: إننا متصالحون، ومنذ ذلك الحين بيننا إلقاء السلام فقط، ولكن لديه حفيد سب أمي بأقذر الشتائم في عرضها، وهذا الحفيد وأبوه لا نكلمهم ولا نسلم عليهم، فهل نأثم على ذلك؟ مع العلم أننا حاولنا المصالحة أكثر من مرة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فصلة الرحم واجبة، وقطعها حرام، والراجح عندنا أنها واجبة في حق ذي الرحم المحرم، كالإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وأما الرحم غير المحرم -كابن العم، وابن الخال، ونحوهم-، فصلتهم مندوبة غير واجبة، وانظر الفتوى رقم: 11449

وإذا كنتم لا تقطعون عمكم، ولكن هو القاطع، فليس عليكم إثم، لكن ينبغي أن تحرصوا على صلته، ولا تكافئوه بقطعه، فهذا أكمل أحوال صلة الرحم، فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. صحيح البخاري. وفي مسند أحمد عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن لي ذوي أرحام، أصل ويقطعون، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون، أفأكافئهم؟ قال: لا، إذن تتركون جميعا، ولكن خذ بالفضل وصلهم، فإنه لن يزال معك من الله ظهير ما كنت على ذلك. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.

جاء في تحفة الأحوذي: هذا من باب الحث على مكارم الأخلاق، كقوله تعالى: ادفع بالتي هي أحسن السيئة. ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم: صل من قطعك، وأحسن إلى من أساءك. اهـ

أما ابن عمكم وابنه، فصلته ليست بواجبة عليكم، لكن لا يجوز هجره فوق ثلاثة أيام إلا لعذر.

ويكفي لقطع الهجر إلقاء السلام، فقد جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: وقد قال الإمام أحمد للذي تشتمه ابنة عمه: إذا لقيتها سلم عليها، اقطع المصارمة. اهـ 

لكن إذا كان الهجر بسبب معصيته، وظهر أن الهجر يردعه عن المعصية، فهذا جائز، كما بيناه في الفتوى رقم: 14139.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة