سكن البنت الرشيدة وحيدة بعيدا عن أبويها

0 91

السؤال

بنت عمرها لا يتراوح 26 سنة، اشترت بيتا بالتقسيط في نفس المدينة التي يقطن فيها أبوها وأمها، وقررت بموافقة الأم أن تسكن وحدها في هذا البيت، رغم أن لوالديها بيتا كبيرا، وهي ليست بالمتزوجة أو المطلقة، وحاولت التدخل كوني الأخ الأكبر منها، لكن الوالدة طلبت مني عدم التدخل كوني أقطن خارج البلد بغرض الدراسة، وكون أن والدي هو الوحيد المسؤول عنها، فهل يجوز لها أن تعيش في بيت مستقل عن بيت أبويها وحدها؟ وهل الإسلام يحرم سكن الفتاة في بيت خاص بها رغم أن أبويها على قيد الحياة؟ وهل تدخلي بالقوة يدخل في عقوق الوالدين؟ وتكلمت مع والدي في هذا الموضوع، فطلب مني التدخل شخصيا، علما أن والدي رجل كبير في السن، وسنه يتعدى 74 سنة، وأبي كثير الكلام، يصرخ على أتفه شيء، وصارم، وصعب الكلام، وفي بعض الأحيان يرفض أن يعطي المصروف اليومي، وهذا مبرر أمي عند طلبي منها أن تحث أختي على الرجوع إلى البيت (بيت الأب والأم)، فتقول: إن أبي كثير الكلام، ويرفض إعطاء أختك المصروف، أو أي شيء ممكن أن يساعدها لشراء حاجات النساء بصفة عامة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فسكن البنت الرشيدة المأمونة وحدها بعيدا عن أبويها، محل خلاف بين أهل العلم، والراجح -والله أعلم- جوازه عند الحاجة إذا أمنت الفتنة، ولم يكن في انفرادها مفسدة.

أما إذا لم تكن البنت رشيدة، أو خيف عليها من الانفراد، فهذا غير جائز، وعلى وليها منعها منه، ولا سيما إذا لم تكن هناك حاجة معتبرة في انفرادها، مع كثرة الفتن في زماننا، جاء في الدر المختار وحاشية ابن عابدين: وأفاده بقوله: بلغت الجارية مبلغ النساء، إن بكرا ضمها الأب إلى نفسه، إلا إذا دخلت في السن، واجتمع لها رأي، فتسكن حيث أحبت، حيث لا خوف عليها. اهـ.

وفي روضة الطالبين للنووي -رحمه الله-: وأما الأنثى إذا بلغت، فإن كانت مزوجة، فهي عند زوجها، وإلا فإن كانت بكرا، فعند أبويها أو أحدهما إن افترقا، وتختار من شاءت منهما، وهل تجبر على ذلك؟ وجهان: أحدهما: نعم، وليس لها الاستقلال، والثاني: لا، بل لها السكنى حيث شاءت، لكن يكره لها مفارقتهما... وهذا إذا لم تكن تهمة، ولم تذكر بريبة، فإن كان شيء من ذلك، فللأب والجد ومن يلي تزويجها من العصبات، منعها من الانفراد، ثم المحرم منهم يضمها إلى نفسه إن رأى ذلك. اهـ.

والظاهر لنا أنه ليس لأختك مسوغ في الانفراد بالسكن، فإذا كان أبوك قد طلب منك التدخل لمنع أختك من الانفراد بالسكن، فمنعك لها ليس فيه عقوق لوالديك، لكن الأولى أن تتفاهم مع أمك؛ حتى تقنع ابنتها بالرجوع إلى البيت، وتكلم أختك حتى ترجع طواعية، فإن استعمال الرفق أنفع، وأحسن، وأحب إلى الله من الشدة، فعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف، وما لا يعطى على ما سواه. رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة