ينبغي للرجل قبل اتخاذ قرار الطلاق أن يوازن بين الحسنات والسيئات

0 4

السؤال

عمري واحد وأربعون عاما، تزوجت منذ تسع سنين، ورزقني الله ولدين، والحمد لله.
مشكلتي أو سؤالي: أنني تزوجت زواجا يسمى: صالونات، عن طريق زميل في العمل، ورأيت رؤيا مرة واثنتين، وتمت الخطبة، واكتشفت من خلال موقفين أن البنت معاندة، فاتصلت بأهلها، وقلت: إن هذا الزواج، سيكون فاشلا؛ لأن المرأة إذا كانت معاندة، فلا تستقيم الحياة بشكل طبيعي، وقلت: من الأفضل الانفصال من الآن، وجاءت أم العروسة وأهلها إلى بيتي ليعتذروا، واتصلوا بالبنت، واعتذرت لي في الهاتف، وكادت أمها أن تتوسل لي لأرجع عن قراري، ورجعت، وليتني ما فعلت، وتم الزواج.
وأنا أعمل في دولة عربية، وبعد ولادة الولد الأول، أرسلت إليها لتمكث معي في الغربة، ومنذ بداية الزواج ولمدة تسع سنوات، وأنا في كرب، وبغض، وخصام لأسباب تافهة جدا من ناحيتها، والخصام المقصود هنا ليس الخصام الطبيعي، لا، وإنما لك أن تتخيل أن كل عام تخاصمني ثلاثة أو أربعة شهور على فترات.
وأنا لم أسبها طيلة السنوات التسع، ولم أضربها، وأحضر ما تطلبه حسب المستطاع -بفضل الله-، وبشهادتها أنها رأت معي ما لم تره عند أهلها، وأنا في كثير من المرات -بل جميعها- أتجنبها؛ لئلا تحدث مشكلة معها، وأريد أن أحافظ على الأولاد، وألا أكون سببا في حدوث عقدة عندهم، وقد طلقتها مرة واحدة قبل ذلك، واتصلت بأهلها، وكلهم عنفوها، واعتذروا لي، وقالوا: إن هذا الأمر لن يتكرر ثانية.
المشكلة أنها في بعض الأحيان لا تسمع الكلام، وتعاند، وترفع صوتها، وكأنها رجل، مع أنها تمكث معي في الغربة، وقلت لها: ارجعي إلى مصر، وامكثي عند أهلك، ولكنها ترفض السفر، ليس لأجل العيش معي، والحفاظ على البيت؛ لأنها تشعر بالحرج أمام أهلها، وأقاربها، ولأن العيشة عند أهلها ستكون متعبة.
وكل اهتمامات زوجتي المظاهر، وكلام الناس، وشكلها، وسيرتها أمام أهلها، وعندها جفاف في المشاعر تجاه أولادي، وتجاهي، ولا تبالي إذا خاصمتني شهرا متواصلا، وهذا يحدث كثيرا، تخاصمني بالشهر، والشهرين.
أنا الآن سأصل إلى حالة الانفجار، فهي لا تريد أن تسافر وتتركني، ولا تريد أن تكون امرأة طبيعية في كل الواجبات الزوجية.
وأنا شخص رومانسي جدا، وأسمعها كثيرا من الكلام الطيب، ولكن دون جدوى، وأردت أن أتزوج مرة أخرى، ولكن ظروفي الحالية لا تسمح، فماذا أفعل؟ وقد جربت معها كل شيء من كلام، وأفعال.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالذي ننصحك به أن تبقي زوجتك معك، ولا تنقلها إلى بلدها، وأن تسعى في استصلاحها، ولا تيأس من ذلك، فحرصها على العيش معك أمارة على إمكان الإصلاح، واستقامة الحياة بينكما، ولا سيما إذا علمت أنها إذا لم تعاشرك بالمعروف، فسوف تنقلها إلى أهلها، فخذ بالأسباب، واستعن بالله تعالى، وأكثر من دعائه.

وينبغي أن تنظر إلى الجوانب الطيبة في صفات زوجتك، وأخلاقها، وتوازن بين الحسنات والسيئات، قال الله تعالى: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا [النساء:19]، قال القرطبي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: فهذا يندب فيه إلى الاحتمال، فعسى أن يؤول الأمر إلى أن يرزق الله منها أولادا صالحين. انتهى.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا، رضي منها آخر. قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: أي: ينبغي أن لا يبغضها؛ لأنه إن وجد فيها خلقا يكره، وجد فيها خلقا مرضيا، بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك. اهـ

وإذا لم تنفع وسائل الإصلاح، وبقيت زوجتك مسيئة عشرتك، فالطلاق مباح في مثل هذه الحال، وقد يكون خيرا من الإمساك، قال تعالى: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته [النساء:130]، قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. انتهى. وقال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: قد يكون الطلاق من أكبر النعم التي يفك بها المطلق الغل من عنقه، والقيد من رجله، فليس كل طلاق نقمة، بل من تمام نعمة الله على عباده أن مكنهم من المفارقة بالطلاق، إذا أراد أحدهم استبدال زوج مكان زوج. انتهى.

وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى