الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رفض التحكيم أو الوساطة في الخلاف بين الزوجين

السؤال

يعاني زوجان من مشكلات وخلافات متكرّرة، غالبًا ما تنتهي بالصراخ والغضب، وانقطاع التواصل بينهما لأيام. وقد حاولا إصلاح علاقتهما والحفاظ على زواجهما من أجل الأطفال، غير أنّ الأمر أصبح بالغ الصعوبة، وتطالب الزوجة بالخلع بسبب غضب الزوج الشديد، وأحداث سابقة أثّرت في استقرار العلاقة، في حين يرفض الزوج تطليقها.
ومن أبرز المشكلات رفض الزوج اللجوء إلى التحكيم أو الوساطة الزوجية. علمًا بأن الزوجة كانت نصرانية ثم أسلمت، وليس لها وليّ أو أقارب مسلمون، لذا تلجأ إلى إمام موثوق لطلب النصح، وترغب في التحكيم بينهما أو الحصول على الخلع، إذ لم تَعُد تستطيع الاستمرار في هذا الزواج. فهل من حق الزوج رفض التحكيم أو الوساطة الزوجية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر -والله أعلم- أنّه لا يجب على أحد الزوجين أن يجيب الآخر إذا دعاه إلى قبول الوساطة أو التحكيم فيما يحصل بينهما، لكن الواجب على كل منهما المعاشرة بالمعروف، وكفّ الظلم عن الآخر، وإلا؛ فلهما رفع الأمر إلى القاضي، فيبعث حكمين يسعيان في الإصلاح بينهما، أو التفريق في حال تعذر الإصلاح، وقد اختلف أهل العلم في صفة هذين الحكمين اللذين يبعثهما الحاكم؛ فذهب فريق من العلماء إلى كونهما وكيلين عن الزوجين، فلا بد من رضا الزوجين بهما، وذهب فريق آخر إلى كونهما حكمين لا يملك أحد الزوجين الامتناع من حكمهما.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وإذا أقام الزوجان حكمين بدون رفع إلى الحاكم، جاز للزوجين أن يرجعا عن التحكيم، ويعزلا الحكمين، ما لم يستوعبا الكشف عن حال الزوجين، ويعزما على الحكم بالطلاق، أما إن استوعباه، وعزما على ذلك، فلا عبرة برجوع من رجع منهما عن التحكيم، ويلزمهما ما حكما به، سواء رجع أحدهما، أو رجعا معًا...
وقال الدردير: مفهوم ذلك أنهما لو كانا موجهين من الحاكم فليس -أي للزوجين- الإقلاع عن التحكيم. انتهى.

وجاء فيها: ذهب الشافعية في الأظهر، والحنابلة في الصحيح من المذهب إلى أن الحكمين وكيلان عن الزوجين، فلا يرسل الحكمان إلا برضا الزوجين وتوكيلهما، وإن لم يرض الزوجان ببعثهما، أو امتنعا من توكيلهما، لم يجبرا على ذلك، لكن لا يزال الحاكم يبحث حتى يظهر له من الظالم من الزوجين فيردعه، ويستوفي منه الحق للمظلوم، إقامة للعدل والإنصاف. انتهى.

ونصيحتنا للزوجة؛ أن تستعين بالله، وتتفاهم مع زوجها، وتسعى في إزالة أسباب ما بينهما من خلاف، وإذا لم تقدر على ذلك، فلها رفع الأمر إلى القضاء الشرعي، وإذا لم يكن في بلدهما قضاء شرعي، ترفع الأمر إلى أهل العلم القائمين على المركز الإسلامي، ليقوموا بالإصلاح، أو بالتفريق بينهما، وانظري الفتوى: 418021.

وننوّه إلى أنّ الحياة الزوجية -في الغالب- لا تستقيم إلا بالصبر، والتغاضي عن بعض المكروهات، والموازنة بين الحسنات والسيئات، والأصل ألا يصار إلى الفراق بين الزوجين إلا عند تعذّر الإصلاح، وراجعي الفتوى: 393370.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني