مطالبة المرأة زوجها بالسكن بعيدا عن أهله

0 7

السؤال

أنا شاب متزوج بجامعية منذ خمس سنوات، ورزقني الله بنتا، عمرها أربع سنوات، وابنا، عمره سنتان.
وأنا أعاني منذ بداية زواجي من كثرة المشاكل بيننا على أشياء تافهة، تجعلها كبيرة، ويوافقها على ذلك إخوانها ضدي -باعتقادهم جميعا أني ظالم لها-، وهي تدعي كذبا أغلب الأحيان أن أهلي يشتمونها، ويضرونها، علما أني أسكن في بيت ملك ومعزول.
وبعد خلاف بيني وبين أهلي -وليس لها أي صلة بالخلاف- دام أسبوعين، تصالحنا، وكنت أنوي الرحيل إلى بيت مستأجر، وقد اتفقت مع صاحبه قبل المصالحة، وأثناء الترحيل تضايقت أمي، ونقلت إلى المستشفى في غيبوبة تعدت الساعتين، وعادت من المستشفى بوضع شبه مطمئن -ولله الحمد والمنة-، فقررت تأخير الرحيل، وفي اليوم التالي -وهو الجمعة- قبل العصر، خرجت من البيت لقضاء بعض الأمور، وحينما عدت إلى البيت بعد العشاء لم أجد زوجتي، وعرفت أنها في بيت أخيها الأصغر، وفي اليوم التالي هاتفتني زوجتي أثناء عودتي من الدوام بأسلوب همجي أنها تريد مني إحضار أثاث الزواج الذي جاء معها، والملابس، فقلت لها: مفتاح البيت معك، فتعالي وخذي ما تريدين، ثم بدأت تهدد بقولها: (المحكمة ستأخذ حقي)، وبعدها بلحظات هاتفني أخوها الأصغر، وتكلم كما تكلمت هي، وزادت نبرة تهديده بأن نلتقي في اليوم التالي لكي أطلق زوجتي في المحكمة، ومنذ ثلاثة أشهر استأجرت منزلا وحدها؛ لأن جميع إخوانها متزوجون، والأبوان متوفيان، علما أنهم أخذوها من البيت دون علمي، وأرسلت لهم من يصلح بيننا خمس مرات، بدءا من خطيب المسجد إلى من يقربون لها، ولا فائدة، ويشترطون أن أستأجر بيتا غير بيتي بعيدا عن أهلي وأمي، وقد طلبت من القاضي أن يرفع لها نسبة النفقة إلى نصف راتبي، لعل وعسى أن تهتدي للحق، وتجري العادة عند أغلب النساء عندنا إلى استغلال القوانين الوضعية للتحكم بالرجل، وتضييع ماله؛ حتى لا يفكر بالزواج من أخرى. أفتوني -جزاكم الله عنا كل خير-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى أن يفرج كربك، ويصلح ما بينك وبين زوجك.

ونوصيك بكثرة الدعاء، فالله على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير، وهو قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، قال سبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}، وراجع الفتوى: 119608.

 وما أوردته لم يتضمن سؤالا معينا.

وعلى وجه العموم نقول: إن كانت زوجتك خرجت من البيت بغير إذنك، ومن غير مسوغ شرعي، فهذا منها نشوز، وإن طلبت منك الطلاق لغير سبب مشروع، تأكد أمر نشوزها، وانظر الفتوى: 139229.

وإن كان المسكن الذي أسكنتها فيه مستقلا بمرافقه، فلا يلزمك شرعا أن تستأجر مسكنا آخر، إلا أن تشاء.

وإن رجوت أن يكون ذلك وسيلة للإصلاح، وجمع شمل الأسرة، فيحسن المصير إليه؛ فالخصام، والفراق، وتشتت الأسرة، قد تكون له عواقبه السيئة، وخاصة على الأولاد.

 وقد أحسنت فيما قمت به من مساعي الصلح، فالصلح خير، كما أخبر الرب تبارك وتعالى في محكم كتابه.

وينبغي لأهلها أن يعينوك في هذا الأمر، لا أن يكونوا محرضين لزوجتك، وحجر عثرة في سبيل الإصلاح، وقد جاءت السنة بالتحذير من إفساد المرأة على زوجها، فقد روى أبو داود في سننه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خبب زوجة امرئ، أو مملوكه، فليس منا.

ونوصيك بأن تبذل جهدك في سبيل الإصلاح، فإن رأيت أن لا جدوى، فليكن المصير إلى الطلاق، فقد يكون هو الأفضل أحيانا، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررا مجردا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ. 

ومن حقك أن تعضلها، وتمتنع عن تطليقها؛ حتى تفتدي منك بمال، ونحوه، وراجع الفتوى: 93039.

  وننبه إلى أنه ينبغي للزوجين أن يعليا من شأن الحياة الزوجية، فقد سمى الله عز وجل هذا الرباط بالميثاق الغليظ، كما قال: وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا {النساء:21}.

وينبغي أن لا يغيب عن بال الزوجين أن الله سبحانه شرع الزواج؛ ليكون سكنا للنفوس، ولتتحقق منه مقاصد عظيمة، فلا يكدران صفوه بأي كدر، ولا تشغلهما سفاسف الأمور عن معاليها، قال تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون {الروم:21}. 

  وننبه إلى أنه يجب التحاكم للشرع عند الخلاف، ولا يجوز التحاكم للقوانين الوضعية، إلا عند الضرورة.

ولا يجوز للمرأة أن تأخذ من زوجها إلا ما يقتضيه الشرع، إلا أن يتبرع به الزوج، وتطيب به نفسه، روى أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم، إلا بطيب نفس منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة