الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عضل الزوجة الناشز حتى تفتدي وترد ما أخذت

السؤال

أنا شاب متزوج منذ سنتين وعندي الآن طفلة عمرها سنة، وزوجتي كثيرة العصيان لي ، وتدعو علي كثيرا ودون وجه حق ودون أن أظلمها، ولأتفه الأسباب، كثيرا ما تخرج عن طاعتي وكثيرا ما تأبى دعوتي إياها للفراش، وفي السابق طلبت مني الطلاق أكثر من مرة وفي كل مرة تذهب عند أهلها بعد نشوزها أو طلبها للطلاق ما تلبث أن تغير رأيها وتطلب مني السماح فأسامحها واقبل بعودتها شرط أن تطيعني، ولا تدعو علي دون سبب، ولكنها بعد أن ترجع لبيتي تعود إلى خلقها السيء القديم، حتى إني اكتشفت مرة أنها على علاقة عاطفية مع شاب مقيم في بلد آخر عبر الهاتف والانترنت ، واعترفت بذلك ، وسامحتها بعد أن أظهرت الندم والتوبة
مؤخرا طلبت الطلاق وأرادت الذهاب عند أهلها ، لكن أهلها رفضوا أن يستقبلوها بسبب وجود أختها عندهم والتي هي على وشك الطلاق أيضا، وقالوا لها ابقي بضع سنين بينما تحل مشاكلنا ثم إن أردت أن تطلبي الطلاق بعدها فلا بأس وهي الآن تجلس في بيتي مكرهة ، لكنها تظهر وتدعي أنها تريد طاعتي وتحاول أن تسعدني من خلال القيام بواجباتها في المنزل وعدم معصيتي، وعدم رفض دعوتي إياها للفراش، ولا أعلم الآن إن كانت فعلا نادمة أم انه تمثيل لتمضية الوقت في بيتي.إلا أنها تقوم بالتدخين أحيانا بالخفية عني ودون إرادتي علما أنها فعلتها أيضا في الماضي فغضبت منها ونبهتها أن لا تكررها لكنها أعادتها الآن فاشترت علبة دخان وتخفيها في المنزل، وأنا الآن مللت من نشوزها المتكرر وخروجها عن طاعتي ثم عودتها وادعائها بأنها انصلحت، ولا أريد أن تخدعني بان تمضي الأيام عندي منتظرة موافقة أهلها للعودة عندهم.
سؤالي هو :
· هل إقامتها علاقة مع شاب على الهاتف ، وتدخين التبغ أحيانا دون إرادتي ، يعتبر فاحشة وينطبق عليها قوله تعالى"وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ" وفي حال كان ذلك فهل يجوز لي شرعا أن ابعدها لمنزل أهلها في حال رغبتي بعدم العفو عنها، وأعضلها لتتنازل عن مؤخر الصداق ، علما أن حادثة إقامة علاقة مع الشاب مضى عليها ستة أشهر وأظهرت توبتها بعدها؟
· وان لم يكن كذلك فهل يجوز لي إن رجعت ونشزت علي بالمستقبل أن أبعدها لبيت أهلها مباشرة نظرا لنشوزها المتكرر الكثير في السابق أم علي أن انتظر و اتبع ترتيب الخطوات الشرعية ( الموعظة، الهجر، الضرب) ثم الإبعاد
· وأيضا في حال أني تأكدت من نيتها بالتمثيل علي لتمضية الوقت لحين أن يوافق أهلها على عودتها ، هل أبعدها لعند أهلها كي لا يضيع العمر سدى(دون انتظار نشوزها عني) ، أو ماذا افعل؟
نرجو منكم التوجيه والفتوى مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية نقول إن عصيان الزوجة لزوجها حرام وقد ورد فيه وعيد شديد لاسيما فيما يتعلق بالفراش، فعلى الزوجة أن تتقي الله عز وجل وتتوب إليه، وتطيع زوجها في المعروف، ولا تمتنع عما أوجب الله عليها من الحق، وأن تحسن عشرة زوجها ولا تدعو عليه بغير حق، وأن تتقي الله في غيابه وتحفظه في نفسها، كما أن طلبها للطلاق من غير عذر معصية وسبق بيانه في الفتوى رقم: 17322.

وعلى الزوج أن يمسك زوجته بمعروف، وليس له أن يؤاخذها بما تابت منه، ولا أن يتبع زلاتها، بل يعاملها بالظاهر، ويحسن بها الظن.

ولا ينبغي للزوج أن يضمر في نفسه السوء للزوجة ويتربص بها الوقوع في الخطأ حتى يعضلها، وعليه أن يمسكها بمعروف أو يسرحها بإحسان، كما أن على الزوجة أن تفي مع زوجها ولا تمثل عليه، وتمضي الوقت معه حتى تحين لها الفرصة لطلب الطلاق، وعليها إما أن تعاشره بمعروف، أو تخالعه إذا كانت لا تطيق البقاء معه، وقد أباح الله عز وجل عضل الزوجة عند اقترافها فاحشة مبينة، وقد اختلف في الفاحشة هل هي الزنا فحسب أم تشمل كل معصية وبذاءة لسان ونحوه، وهذا ما رجحه جمع من العلماء ومنهم ابن جرير في التفسير قال ابن كثير في معنى قوله: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء: 19} قال ابن مسعود وابن عباس: يعني بذلك الزنا يعني إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق الذي أعطيتها وتضاجرها حتى تتركه لك وتخالعها.. وقال ابن عباس وعكرمة والضحاك: الفاحشة المبينة النشوز والعصيان واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله الزنا والعصيان والنشوز وبذاء اللسان وغير ذلك يعني أن كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها وهذا جيد) انتهى

وعليه فللزوج عند ركوب الزوجة فاحشة في المستقبل - لا ما حصل منها ثم تابت منه - أن يعضلها حتى تفتدي منه وترد عليه ما أعطاها وتبرئه من مؤخر الصداق، وليس له إخراجها من البيت، فإن الإخراج من البيت عند فعل الفاحشة إنما هو للمعتدة قال تعالى: إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {الطَّلاق:1} قال الطبري في التفسير: "عني بالفاحشة في هذا الموضع: المعصية وذلك أن الفاحشة هي كل أمر قبيح تعدى فيه حده فالزنى من ذلك والسرقة والبذاء على الأحماء وخروجها متحولة عن منزلها الذي يلزمها أن تعتد فيه منه فأي ذلك فعلت وهي في عدتها فلزوجها إخراجها من بيتها ذلك لإتيانها بالفاحشة التي ركبتها " انتهى.

أما وهي في عصمته فإنها تستحق عليه السكنى وليس له أن يخرجها من البيت إلا في حالة النشوز، فإذا نشزت كان له إخراجها، لأن السكنى تابعة للنفقة، ومعلوم أن الناشز لا تستحق النفقة قال ابن قدامة في المغني: فمتى امتنعت عن فراشه أو خرجت من منزله فلا نفقة لها ولا سكنى في قول عامة أهل العلم.

وله أن يخرجها قبل أن يعظها ويهجرها ويضربها، لأن هذه الثلاثة حق للزوج وله تركها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني