طاعة الوالد في تأخير الزواج

0 12

السؤال

أنا شاب طالب مغترب منذ أكثر من سنة، تعرفت إلى فتاة غير مسلمة، وبعد مدة بدأت بالحديث معها عن الإسلام، وبعد بحث طويل، وتفكير عميق، أسلمت الفتاة في رمضان الماضي عن قناعة طبعا (الله هداها)، وبدأت بلبس الحجاب -والحمد لله- منذ 3 أشهر، وهذا البحث الطويل أفادني أيضا، فقد تعلمت أشياء كثيرة عن الإسلام ما كنت أعلمها من قبل، أي أني تعمقت كثيرا -والحمد لله-، والتزمت أكثر بالصلاة، وتقربت أكثر من الله -والحمد لله-، وأنا أعلم أنه لا يجوز لي التكلم معها؛ لذلك نويت أن أتزوج منها؛ لما رأيت من أخلاقها الحسنة، ولأنها أسلمت وحسن إسلامها، ولأنني أريد الحلال، ولأني أخاف من مفسدة قد تحصل إذا تركتها، فنحن نعيش في بلد غير إسلامي، ويوجد الكثير من العنصريين هنا، ومن الصعب الخروج بمفردها وهي تلبس الحجاب، فكم من النظرات ستتلقى!؛ لذلك أريدها أن تعيش معي، فهو آمن لها من العيش بمفردها، وأخاف عليها من أهلها فهم غير مسلمين، ولا أريد أن أتركها فتحزن، وتشعر أنني خذلتها؛ فتكرهنني وتكره الإسلام، ونحن متفاهمان جدا، وهي مقتنعة جدا بالإسلام، وتصلي، وتصوم، وتتبع تعاليم الإسلام.
لكن يوجد مشكلة: فقد تكلمت مع والدتي، وهي لا مانع لديها، لكن قالت لي: الأمر يعود لأبيك، فكلمت والدي الأسبوع الماضي، لكنه قال لي: انه دراستك أولا، ثم أسس نفسك، ومن ثم فكر في موضوع الزواج؛ فسوف يؤثر على دراستك، وأنت غير جاهز، وسوف يلهيك ومثل هذه الأسباب، فهذه كانت المشكلة الكبيرة لديه، وتناقشت معه ولم ينفع، وقال لي: أنا أريد أن أنصحك، فهو قرارك في الآخر، لكني شعرت أنه يقولها هكذا فقط ليقنعني، وأنه غير راض؛ لأنني أعلم جيدا أنني أستطيع أن أوفق بين الدراسة والزواج، فأنا متيقن أن لا شيء سيعيق دراستي، ولأنه ما زالت لدي سنة واحدة فقط للتخرج، علما أنني وجدت عملا بجانب الدراسة يساعدني في مصروفي، والجامعة مجانية.
لا توجد مشكلة عند أبي في موضوع المصروف، فهو يساعدني في مصروفي، وبعد التخرج أستطيع أن أعمل عملا بدوام كامل، والفتاة لا تطلب مهرا غاليا كالأخريات، ونحن لا نريد حفلة، وتكاليف باهظة، ويكفينا عقد القران، وأنا أستطيع أن أتدبر هذه الأشياء، فهو غير مقتنع بالزواج مع الدراسة، وأنه عندما كان شابا تزوج بعد أن بدأ مشروعه الخاص، وهو يريدني أن أفعل مثله، وأعلم أن هذا الزواج سوف يعينني ويساعدني في دراستي أكثر، وأن الله سوف يوفقني، وسوف أتكلم مع أبي قريبا، وأريد أن أقنعه، فأنا أريد رضى والدي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فجزاك الله خيرا على مسعاك في تعريف هذه الفتاة بالإسلام، وتسببك في دخولها فيه، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك، ونفعك به في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وراجع الفتوى: 132902، ففيها بعض الأدلة على فضل الدعوة إلى الله.

 وقد أحسنت أيضا بعزمك على الزواج منها؛ لتعف نفسك وتعفها، وتعينها على أمر دينها، والثبات عليه، وحماية نفسك، وحمايتها من أسباب الانحراف.

ولا شك في أن الزواج من الخير الذي ينبغي المبادرة إليه، ففيه كثير من مصالح الدنيا والآخرة، وقد ذكرنا طرفا منها في الفتوى: 340735.

وكما ذكرت فإن الدراسة قد لا تكون مانعا من الزواج.

ثم إن من يخشى على نفسه الفتنة، والوقوع في الفواحش، وجب الزواج في حقه، كما بين أهل العلم، وتجد كلامهم في الفتوى: 3011.

 وقد ذكرت أن والدك يفضل لك تأخير الزواج ولا يأمرك بذلك، بل أرجع الأمر إليك.

ولكن لو أنه عزم عليك أن لا تتزوج إلا بعد إكمال الدراسة؛ لما وجب عليك طاعته في ذلك؛ لأن الطاعة إنما تجب في المعروف. وما يترتب عليه ضرر على الولد، ليس من المعروف في شيء، وانظر الفتوى: 76303، ففيها بيان ضوابط طاعة الوالدين.

وينبغي الاجتهاد في كسب رضى الوالد قدر الإمكان.

وإن كان لهذه الفتاة ولي مسلم، فهو الذي يزوجها، ولو كان وليا أبعد، ولا يزوجها وليها الكافر، ولو كان أبا لها، فإن لم يوجد الولي المسلم، يزوجها القاضي الشرعي -إن وجد-، وإلا فتوكل رجلا عدلا من المسلمين، ولمزيد الفائدة، يمكنك مراجعة الفتاوى: 44241، 72019، 22277.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة