الشعور الداخلي بعدم الرضا عن الحياة والظروف... رؤية إيمانية

0 15

السؤال

هل الشعور الداخلي بعدم الرضا عن الحياة، وعن الظروف. يؤاخذ عليه صاحب هذا الشعور شرعا، إذا لم يصرح به قولا؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أن العبد لا يؤاخذ بما يجده في صدره من التألم لما يصيبه من الشدائد وكراهته لها، وهذا لا ينافي الرضا بالقضاء.

قال ابن القيم في منازل السالكين، وهو يتحدث عن منزلة الرضا: ليس من شرط الرضا ألا يحس بالألم والمكاره. بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه. ولهذا أشكل على بعض الناس الرضا بالمكروه، وطعنوا فيه. وقالوا: هذا ممتنع على الطبيعة. وإنما هو الصبر، وإلا فكيف يجتمع الرضا والكراهة، وهما ضدان؟

والصواب: أنه لا تناقض بينهما، وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضا، كرضا المريض بشرب الدواء الكريه.. اهــ.
وقد ذكر -رحمه الله تعالى- أن العلماء اختلفوا في حكم الرضا بالقضاء، فقال أكثرهم الرضا به مستحب، وإنما الواجب هو الصبر، وقال آخرون الرضا به واجب.

 قال -رحمه الله-: منزلة الرضا:
وقد أجمع العلماء على أنه مستحب، مؤكد استحبابه. واختلفوا في وجوبه على قولين. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يحكيهما على قولين لأصحاب أحمد. وكان يذهب إلى القول باستحبابه.

قال: ولم يجيء الأمر به، كما جاء الأمر بالصبر. وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم.

قال: وأما ما يروى من الأثر: من لم يصبر على بلائي، ولم يرض بقضائي، فليتخذ ربا سوائي. فهذا أثر إسرائيلي، ليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: ولا سيما عند من يرى أنه من جملة الأحوال التي ليست بمكتسبة، بل هو موهبة محضة. فكيف يؤمر به. وليس مقدورا عليه؟. اهــ.
وقال أيضا: وأما الرضا بقضائه: فأكثر الناس على أنه مستحب. وليس بواجب. وقيل: بل هو واجب، وهما قولان في مذهب أحمد. اهــ.
وبعض العلماء يذكر فرقا دقيقا بين الرضاء بالمقضي، وبين الرضا بالقضاء: فالرضاء بالمقضي ليس بواجب، والرضا بالقضاء هو الواجب وينقل عليه الاتفاق.

قال القرافي في الفروق: اعلم أن السخط بالقضاء حرام إجماعا، والرضا بالقضاء واجب إجماعا، ‏بخلاف المقضي به...

فعلى هذا؛ إذا ابتلي الإنسان بمرض، فتألم من المرض بمقتضى طبعه، فهذا ليس عدم رضا ‏بالقضاء، بل عدم رضا بالمقضي، ونحن لم نؤمر بأن تطيب لنا البلايا والرزايا، ومؤلمات الحوادث، ولم ترد الشريعة ‏بتكليف أحد بما ليس في طبعه... اهـ.
وننصحك بقراءة ما كتبه ابن القيم في مدارج السالكين عن منزلة الرضا بالقضاء وأهميتها في حياة المسلم، وأقسام الرضا وغير ذلك من المباحث النفيسة.

وانظر أيضا الفتوى: 139774.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات