مغادرة الابن بيت والديه بسبب كثرة المشاكل والشك في وجود سحر

0 12

السؤال

نحن عائلة مكونة من 8 أفراد -ثلاث بنات، وأربعة أبناء-، والبنات متزوجات، والأبناء غير متزوجين حتى الآن، وأخي الأكبر يبلغ من العمر 34 سنة، وهو مريض نفسيا، وقد عذب الأسرة كلها، فهو يكسر أثاث البيت كله، ونشتريه، ثم يكسره مرة أخرى، وأخي الثاني انحرف انحرافا شديدا، والثالث كذلك، وأنا كنت معهم، ولم أستطع تحمل هذه المشاكل، وقد صبرت مدة 14 سنة، وعمري الآن 27 سنة، وقد غادرت المنزل بسبب هذه المشاكل متوجها إلى مدينة أخرى، لكن أمي وأبي في المنزل مع هذا الأخ، وهي في عمر ناهز الستين، ووالله إن أمي تقطع قلبي، وأنا بعيد عنها حاليا، وهذا كله منذ أن وضعت لنا امرأة في المنزل في مكان الملابس لحم جيفة وأحجارا، فقلت: إن هذا سحر، ومنذ ذلك الوقت ونحن في مشكلة تلو الأخرى -والحمد لله على كل حال-، فهل هناك حل لهذه المشاكل؟ وهل هذا سحر أم ماذا؟ وماذا نفعل؟ وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فقد لا يكون ما يحدث داخل الأسرة بسبب سحر، بل قد يكون مجرد ابتلاء.

ومن أهم ما نوصيكم به لمواجهة الابتلاء: الصبر؛ ففي الصبر على البلاء تسلية للنفس، واحتمالها للهم، وغير ذلك من العواقب الحميدة، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 18103، ففيها بيان فضائل الصبر. هذا أولا.

ثانيا: عليكم أيضا بالالتجاء إلى الله تعالى، والتضرع إليه، فهو من بيده ملكوت كل شيء، وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، وهو من يجيب دعوة المضطر، ويكشف الضر، قال سبحانه: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون {النمل:62}.

ودعوة الوالدين للأولاد مستجابة، كما ثبتت بذلك السنة، روى ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده.

ثالثا: العمل على مناصحة الأخوين المنحرفين، وتذكيرهما بالله سبحانه، وترغيبهما في التوبة، والصلاح، والاستقامة، وتخويفهما بالله سبحانه، وأليم عقابه، وليكن هذا النصح من بعض الفضلاء من الناس ممن يرجى أن يسمعا لقوله، ويستجيبا لتوجيهه.

رابعا: إذا لم توجد مسببات عادية لهذه المشاكل، فلا يبعد وجود شيء من السحر، ونحوه:

فإن غلب على الظن ذلك، فعليكم بالرقية الشرعية، وقراءة سورة البقرة في البيت؛ فلها دور كبير في إبطال السحر، ثبت في صحيح مسلم عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة. قال معاوية (من رواة الحديث): بلغني أن البطلة: السحرة. ولمزيد الفائدة، راجع الفتوى: 4310، والفتوى: 7970.

وننبه إلى أنه لا يجوز اتهام أحد معين بعمل السحر، إلا عن بينة واضحة؛ فالأصل سلامة المسلم من اتهامه بما يشين؛ حتى يتبين خلاف ذلك، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم {الحجرات:12}.

خامسا: إذا كان تركك لأبويك على هذه الحال يعرضهما للضيعة، فلا يجوز لك تركهما -والحالة هذه-، فقد اشترط أهل العلم لسفر الولد في مصالحه بغير إذن والديه أن يأمن عليهما الضياع بعده، قال السرخسي الحنفي: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد -لتجارة، أو حج، أو عمرة-، فكره ذلك أبواه، وهو لا يخاف عليهما الضيعة، فلا بأس بأن يخرج؛ لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة... اهـ.

وعليك بالصبر، والعمل على إعانتهما، والسعي في سبيل إصلاح إخوتك، وعلاج المريض منهم، واحتسب في ذلك كله الأجر من الله تعالى. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة