التهاون بالصلاة بحجة تكفير ما بين الجمعة إلى الجمعة جهل بالدين

0 12

السؤال

أحد الأفراد تجاوز عمره الثلاثين عاما، لا يصلي في اليوم إلا فرضا أو فرضين، وقد لا يصلي، لكنه يصلي الجمعة، وعندما نسأله: لماذا لا تصلي؟ يقول: إن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: "الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن"، وأنا أصلي الجمعة، إذن تغفر ذنوبي، فهل هذا الكلام صحيح؟ وإذا صلى الجمعة وترك باقي الفروض، فهل تغفر ذنوبه، ولا يلزمه صلاة باقي الصلوات؟ مع العلم أنه على هذه الحالة منذ ما يقارب العشر سنوات، فهل عليه قضاء الصلوات؟ جزاكم الله عز وجل خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فمما لا شك فيه أن ما يفعله هذا الرجل إثم شنيع، ومنكر فظيع، وأنه بذلك على خطر عظيم -والعياذ بالله-.

وما يتعلل به جهل عظيم بالدين؛ فإن تكفير ما بين الجمعة إلى الجمعة مشروط بالمحافظة على سائر الصلوات الخمس، وأداء ما افترضه الله تعالى، واجتناب الكبائر، كما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر. أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

فشرط التكفير كونه يجتنب الكبائر، وترك الصلاة من أكبر الكبائر، فقد نقل ابن القيم -رحمه الله- في كتابه: "الصلاة وأحكام تاركها" إجماع المسلمين على أن تارك الصلاة الواحدة حتى يخرج وقتها شر من الزاني، والسارق، وشارب الخمر، وقاتل النفس، وهذا نص كلامه -رحمه الله- في أول كتاب: "الصلاة": لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا، من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزنى، والسرقة، وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله، وسخطه، وخزيه في الدنيا والآخرة. انتهى. فأي مسلم يرضى لنفسه بهذه المنزلة الردية!

 ولابن القيم في كتابه هذا: "الصلاة وأحكام تاركها" كلام نفيس، نذكره هنا للفائدة، قال -رحمه الله-: فكل مستخف بالصلاة، مستهين بها، فهو مستخف بالإسلام، مستهين به، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعرف نفسك -يا عبد الله-، واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك؛ فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك. انتهى.

والكبائر لا تكفرها إلا التوبة النصوح، على الراجح من أقوال أهل العلم.

والوعد الذي في الحديث، خاص بالصغائر التي يتعلق بحق الله سبحانه وتعالى. 

وجمهور العلماء على أن الصلوات المتروكة عمدا، يجب قضاؤها، كما يجب قضاء الصلوات المتروكة نسيانا، ونحوه، وهذا هو قول الأئمة الأربعة.

وذهب بعض العلماء إلى أنها لا تقضى؛ لعظم جرم تاركها، أو لأنه -حال تركها عامدا-، يعد كافرا، فإدا عاد لفعلها، كان كالكافر الذي أسلم، وذلك لا قضاء عليه فيما تركه حال كفره.

والذي نراه هو الأخذ بمذهب الجمهور، وهو أن عليه قضاء ما تركه عمدا من صلواته، فذلك أحوط وأبرأ للذمة، وفيه خروج من الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة