كتابة الأب قطعة من الأرض لبناته على أنها ميراث لهنّ يستلمنها بعد موته

0 10

السؤال

كتب أبي في حياته قطعة من الأرض لبناته، على أنها ميراث لهن يستلمنها بعد موته، وتم ذلك لإرضاء والدنا.
وبعد وفاته تسلمنا الأرض بعد سنة، ولم يتكلم أحد، أما باقي الميراث، فقالت أمي: لا تقسيم وأنا على قيد الحياة، ومرت الآن سنتان وبعض الشهور، فإذا بإخواني يجتمعون معنا نحن البنات، وقالوا: أقنعنا أمنا بتقسيم الميراث، وقالوا: إنهم أحضروا مثمنا، ورجلا آخر لتثمين التركة -بنايتان، وقطعتا أرض-، وقالوا: إنهم تنازلوا لبعضهم في بعض الأشياء، وقالوا: إنهم سيكتبون عقدا لتقسيم التركة، ونوقع عليه في نفس اليوم.
طلبت من أحد الإخوة أن نجلس -أقصد البنات- مع المثمن؛ لنفهم كيف تمت القسمة، فقال: لك ذلك، وبعد يومين أرسل لي نص العقد، فإذا بهم قد أخرجونا من التركة، وأبقوا على العقد القديم على أنه حقنا فقط، والثمن الذي لأمنا تنازلت عنه لأولادها فقط دون البنات، والأرض الأخرى لأخي المطرود من منزل العائلة بسبب بعض المشاكل.
لم يعجب البنات نص العقد، وطالبنا بالجلوس مع المثمن، فقالوا: يجب أن توقعن أولا، ثم تجلسن معه، فرفضنا.
فاتصل أخي بي وهو يصرخ: أنا لا أريد أن أتدخل، اذهبن إلى أخيكن الكبير، وتكلمن معه، فتركنا الموضوع، وقلنا هم من يحتاجون توقيعنا، ومرت خمسة أيام ولم يتصلوا، فقررت أن أذهب للمحامي؛ لأفهم كيف كتب العقد، فإذا بي أجد أحد إخوتي هناك، فتحدثت مع المحامي، وقلت له: هل العقد القديم صحيح شرعا؟ فقال: انسي الشرع، هم كتبوا على القانون.
في هذه اللحظة جاء ثلاثة من إخوتي، فطلبوا الأوراق، وكتبوا عقدا جديدا دون علمنا، ووقعوا عليه، وسألت أخي: ما الذي توقع عليه، ألم نتفق أن نحضر المثمن؟ قال: قلنا لكن: امضين أولا، فلم تقبلن، وقال الكبير: نحن حرمناكن، وقال آخر: تعبنا ولا ميراث، وقال آخر: إن طالبت بحقك في المحكمة، فانسي أن لك إخوة وأما. وثمن أمي لهم؛ لأنهم سيصرفون عليها في كبرها، فهل ما فعلوه صحيح؟ وقد قلت للمحامي ولهم: أنا راضية بالعقد القديم، لكني أريد أن أفهم كيف تمت القسمة؟ وهل لنا حق عندكم، ولكم حق عندنا؟ لكن لا حياة لمن تنادي.
ولا أحد يكلم الآخر من يومها، وهم مصرون على أن ما فعلوه صحيح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأولا: نود لفت انتباهكم إلى أن الفصل في قضايا المنازعات محله المحاكم الشرعية أو من ينوب منابها، وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع وإدراك حقيقة الدعاوي والبينات والدفوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي فإنه لا يسمع إلا من طرف واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تتيحه طريقة الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا، وما سنذكره هنا إنما هو على سبيل العموم والإرشاد والتوجيه.
وثانيا: نفول - وفق ما ذكرت-: إن حقكن في تركة الوالد ثابت باق، ما لم تتنازلن عنه عن طيب نفس منكن.

والأرض التي ذكر الأب قبل وفاته أنها هي نصيبكن، ترد إلى الميراث، ويقسم جميعه -مع تلك الأرض- على جميع الورثة، لكل منهم نصيبه الشرعي المقرر في كتاب الله، إلا إذا تنازل أحدهم عن حقه؛ فالأمر إليه، كتنازل الأم عن نصيبها مثلا للورثة، فهذا لا حرج فيه.

وكون الأرض التي ذكر الأب أنها هي نصيبكن ترد للميراث، ويلغى ما ذكر؛ لأنه يعد وصية؛ لقولك في السؤال: (على أنها ميراث لهن، يستلمنها بعد موته)، ولا وصية لوارث، إلا أن يشاء الورثة، وانظري الفتوى: 29851

وأما من لم يتنازل عن حقه، فلا بد من أدائه إليه -ذكرا كان أو أنثى-.

ومن تجاوز حدود الله، وأكل مال غيره بالباطل، فلا يلومن إلا نفسه، فقد ختم الله آية المواريث بقوله: تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم* ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين {النساء:13ـ14}، ولمزيد فائدة، راجعي الفتويين: 405490، 50206.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات