العدل بين الزوجتين المقيمتين ببلدين مختلفين

0 8

السؤال

أسرة مكونة من زوج، وزوجة، وأبناء، وكان رزق الزوج أن يسافر ويأخذ أسرته معه؛ حتى وصل أكبر أبنائه للثانوية، فامتنعت الأم عن السفر معه، قائلة: إنها لم تعد تقدر على الغربة، فترجاها زوجها أن تسافر معه، فرفضت، وجلست في الوطن مع الأولاد، وسافر الزوج وحيدا، واستمر هذا الوضع أربع سنوات، ثم تعرف من خلال الإنترنت إلى مطلقة من تونس، وتزوجها، وانتقلت معه إلى الكويت في سفره، ثم أخبر أسرته بخبر زواجه، فثارت الزوجة الأولى، ثم تقبلت الأمر، وأصبحت تطالبه بالعدل بينهما في كل شيء حتى في السفر، فطلبت أن تسافر معه عاما، والزوجة الثانية عاما، فرفض الزوج، وقال لها: لم تطلبي السفر إلا لأنني تزوجت، فقالت: كنت أضحي، وأربي الأولاد، وأنت تضحي بسفرك من أجل الأولاد.
أما وقد تزوجت؛ فأنا أطالب بحقوقي، فرفض الزوج سفرها، وتركها في الوطن، ولا يأتي لأسرته إلا شهرين كل عام، مصطحبا معه زوجته الثانية، تقاسم الأولى حتى في الشهرين؛ بحجه أن الثانية غريبة مغتربة، فلمن يتركها في الكويت وحدها!؟ وعندها مشاكل مع طليقها في تونس، فلا تأمن على نفسها السفر إلى وطنها تونس.
ثم أصبحت الثانية تصرخ، وتدعي أن الأولى تعمل لها سحرا كلما اقترب منها زوجها، وأصبحت تظهر بقع على جلد الزوج، ويقول الزوج: إن للزوجة الأولى مصلحة في سحر الثانية، ويقول: إنه قرأ سورة (يس) بنية أن يعرف من يصنع السحر، فرأى زوجته الأولى في المنام، ويقول: إنه ذهب لأحد الشيوخ في سفره، وأخبره أن زوجته الأولى تصنع سحرا، وأن الشيخ أعطى له ترياقا شربه، وتقيأ السحر، بينما الزوجة الثانية بقيت حالتها كما هي، وتقول للزوج: ذنبي في رقبتك، فأصبح الزوج مشحونا من الأولى يريد تطليقها.
فلما جاء إلى وطنه، جئنا له براق ثقة، فقال: الزوجة الأولى بريئة، والثانية مصابة بمس عاشق؛ لكثرة جلوسها في الخلاء، والنظر في المرآة، فلم يقتنع الزوج بذلك الراقي، واعتبره راقيا ضعيفا، علما أن الزوجة الأولى حافظه لكتاب الله، وترتدي النقاب، وأهلها معروفون، ولم يسمع عنهم يوما بأن لهم علاقة بالسحر، ولا نزكيهم على الله.
والزوجة الثانية من تونس، ولا نعلم عنها شيئا، ونرى أنها تلبس البنطال، وتهتم بمظهرها جدا، ويقول زوجها: إنها تصلي، والله أعلم بها.
والأولاد منهم من جنح لأمه، ومنهم من وقف على الحياد، إلا أنه يرى أن أباه يظلم أمه، والأولاد في سن حرج، والأسرة تتجه إلى الفراق، فبماذا تنصحون كل فرد في هذه الأسرة قبل فوات الأوان؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالأصل أن الزوجة تقيم حيث يقيم زوجها، وأنها ليس لها الامتناع عن الإقامة معه في البلد الذي يريد، إلا لمسوغ شرعي، وانظر الفتوى: 72117.

والواجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته في القسم، ولا يسقط وجوب التسوية في القسم بكون الزوجتين في بلدين مختلفين، فإما أن يستقدم الزوجة البعيدة إليه، أو يسافر إليها؛ حتى يسوي بينهما في القسم، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن كان امرأتاه في بلدين؛ فعليه العدل بينهما؛ لأنه اختار المباعدة بينهما؛ فلا يسقط حقهما عنه بذلك؛ فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها, وإما أن يقدمها إليه، ويجمع بينهما في بلد واحد.

فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان؛ سقط حقها؛ لنشوزها، وإن أحب القسم بينهما في بلديهما، لم يمكن أن يقسم ليلة وليلة؛ فيجعل المدة بحسب ما يمكن، كشهر وشهر، وأكثر، أو أقل، على حسب ما يمكنه، وعلى حسب تقارب البلدين وتباعدهما. انتهى.

ولا يجوز اتهام أحد -سواء الزوجة الأولى، أم الزوجة الثانية، أم غيرهما- بعمل السحر؛ بناء على الأوهام والظنون، أو المنامات، أو إخبار بعض الرقاة، من غير بينة؛ فهذا ظلم ظاهر، ومعصية تستوجب التوبة إلى الله تعالى، واستحلال صاحبة الحق، وراجع الفتوى: 375364.

ولا ينبغي التسرع والمبالغة في نسبة ما يعرض للإنسان من المشكلات إلى تأثير السحر، والمس، ونحوه، ولكن ينبغي النظر في الأسباب الظاهرة للمشكلات، والسعي في علاجها بالوسائل المشروعة، وعدم الاستسلام للشكوك والأوهام.

وإذا فرض وجود شيء من السحر، أو المس، ونحوه؛ فعلاجه بالتوكل على الله تعالى، والمحافظة على الأذكار المسنونة، والرقى المشروعة، ويجوز الذهاب إلى الرقاة المحافظين على دينهم المتمسكين بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز الذهاب إلى المشعوذين والدجالين، وانظر الفتوى: 361984.

وعلى الزوج أن يقوم بحق القوامة على زوجته، ويحافظ على دينها، ويمنعها من الخروج بملابس غير ساترة، أو ضيقة تظهر مفاتنها.

والواجب على الزوج والزوجتين المعاشرة بالمعروف، والوقوف عند حدود الله، والسعي في الإصلاح، وتجنب الشقاق.

وينبغي على العقلاء -من الأقارب، أو غيرهم من الصالحين- أن يتدخلوا للإصلاح، والمحافظة على جمع شمل الأسرة.

والواجب على الأولاد أن يبروا والديهما، ويحسنوا إليهما؛ ولا يجوز لهم أن يسيؤوا إليهما، أو إلى أحدهما، مهما كان حاله؛ فحق الوالدين على الأولاد عظيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة