الجمع بين قول رسول الله: "رفعت الأقلام..." وسماعه ليلة المعراج صوت صريف الأقلام

0 6

السؤال

كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفعت الأقلام، وجفت الصحف"، وأن معناه هو أن الصحف الموجودة عند الله كتبت الأقدار منذ خمسين ألف سنة، وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما عرج به إلى السماء السابعة سمع صوت صريف الأقلام؟ فكيف سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت صرير الأقلام، وهو القائل: "رفعت الأقلام، وجفت الصحف"؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا تعارض بين الحديثين؛ لأن الأقلام التي سمع النبي صلى الله عليه وسلم صريفها ليلة المعراج، ليست هي القلم الذي كتب الله به المقادير في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وإنما هي أقلام الملائكة التي تكتب ما يوحى إليها في شأن تدبير العالم، قال النووي في شرح مسلم: وصريف الأقلام بالصاد المهملة: تصويتها حال الكتابة. قال الخطابي: هو صوت ما تكتبه الملائكة من أقضية الله تعالى، ووحيه، وما ينسخونه من اللوح المحفوظ، أو ما شاء الله تعالى من ذلك أن يكتب ويرفع. اهــ.

وقال ابن أبي العز في شرح الطحاوية عن حديث: لما خلق الله القلم، قال له: اكتب: فهذا القلم أول الأقلام، وأفضلها، وأجلها.

وقد قال غير واحد من أهل التفسير: إنه القلم الذي أقسم الله به في قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون}.

والقلم الثاني: قلم الوحي: وهو الذي يكتب به وحي الله إلى أنبيائه، ورسله، وأصحاب هذا القلم هم الحكام على العالم.

والأقلام كلها خدم لأقلامهم.

وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم لله ليلة أسري به إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام؛ فهذه الأقلام هي التي تكتب ما يوحيه الله تبارك وتعالى من الأمور التي يدبرها، أمر العالم العلوي والسفلي. اهـــ.

وذكر في موطن آخر تقسيما آخر للأقلام الواردة في السنة، وأنها أربعة، فقال:

والذي دلت عليه السنة أن الأقلام أربعة، وهذا التقسيم غير التقسيم المقدم ذكره:

القلم الأول: العام الشامل لجميع المخلوقات، وهو الذي تقدم ذكره مع اللوح.

القلم الثاني: حين خلق آدم، وهو قلم عام أيضا، لكن لبني آدم، ورد في هذا آيات تدل على أن الله قدر أعمال بني آدم، وأرزاقهم، وآجالهم، وسعادتهم، عقيب خلق أبيهم.

القلم الثالث: حين يرسل الملك إلى الجنين في بطن أمه، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة.

القلم الرابع: الموضوع على العبد عند بلوغه، الذي بأيدي الكرام الكاتبين، الذين يكتبون ما يفعله بنو آدم، كما ورد ذلك في الكتاب، والسنة. اهــ.

وقد جاء أن موسى -عليه السلام- سمع صريف الأقلام أيضا، فقد قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، في قول الله عز وجل: وقربناه نجيا {مريم:52}، قال: أدناه حتى سمع صريف الأقلام. رواه ابن جرير عنهما في التفسير.

وروى أيضا عن علي -رضي الله عنه- قال: كتب الله الألواح لموسى، وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات