هل الأفضل لمن أراد الصدقة الجارية شراء بيت لليتامى أم المساهمة في بناء مسجد؟

0 13

السؤال

نويت أن أبيع سكنا، وأهب نصفه، أو نصف ثمنه في سبيل الله، فهل أشتري بثمن هذا النصف بيتا صغيرا لليتامى، أو أساهم به في بناء مسجد؟ علما أنني أريد صدقة جارية.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالصدقة الجارية هي الوقف، جاء في الموسوعة الفقهية: والصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف. اهــ.

والوقف معناه: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة.

ولا شك أن إنفاق المال في بناء مسجد داخل في الوقف.

وأما شراء بيت لليتامى، فإن كان المقصود به تمليكه ليتامى معينين؛ فهذه صدقة، إلا أنه ليس من الوقف.

وإن كان المقصود جعل منفعة السكنى فيه لليتامى، من غير تمليكه لهم، ومن زال عنه وصف اليتم؛ خرج من السكن، وأسكن محله يتيم آخر؛ فهذا داخل في الوقف، وكذا لو كان المقصود تأجير البيت، وإنفاق ريعه على اليتامى؛ فهذا من الوقف.

ونلفت نظرك إلى أن اليتيم قد يكون غنيا؛ فلا تلازم بين اليتم وبين الفقر؛ فاليتامى منهم الفقراء، ومنهم الأغنياء.

فمن أراد أن يوقف على اليتامى، فينبغي له أن يوقف على الفقراء منهم، لا الأغنياء؛ إذ الوقف على الأغنياء فقط مختلف في صحته بين الفقهاء، فمنهم من صححه، وهو الأصح عند الشافعية، ومنهم من قال ببطلانه، كما هو قول الحنفية، والحنابلة، ومقابل الأصح عند الشافعية، ورجح البطلان شيخ الإسلام ابن تيمية، قال في مجموع الفتاوى: تنازعوا في الوقف على جهة مباحة، كالوقف على الأغنياء، على قولين مشهورين. والصحيح الذي دل عليه الكتاب، والسنة، والأصول أنه باطل أيضا؛ لأن الله سبحانه قال في مال الفيء: {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم}، فأخبر -سبحانه- أنه شرع ما ذكره؛ لئلا يكون الفيء متداولا بين الأغنياء؛ دون الفقراء؛ فعلم أنه -سبحانه- يكره هذا، وينهى عنه، ويذمه. اهــ.

وأما المفاضلة بين الوقفين -بناء مسجد، أو سكن لليتامى الفقراء-؛ فهذا ربما يختلف من مكان إلى آخر، على حسب الحاجة إلى كل منهما، وانظر الفتوى: 376462 عن أفضل أنواع الوقف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة