معنى عدم بِلَى عجب الذنب، وسبب عدم بلى بعض الأجساد

0 16

السؤال

كيف يمكن التوفيق بين حديث: "كل ابن آدم يبلى، إلا عجب الذنب" وبين أن هنالك جثثا معينة لم تتحلل بسبب طبيعة التربة، ودفنها في الصحراء مثلا؛ فالحديث مفاده أن كل إنسان في الحياة سيتحلل جسده، لكن هنالك حالات لم تتحلل فيها الجثث؟ وماذا نقول عن الناس الذين حرقوا مثلا، وحرق عظم عجب الذنب معهم، أو الذين تم استئصال العصعص في عمليات معينة لهم؟ وكيف سيحييهم الله؟ وألا يعارض ذلك الحديث؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فأما بقاء بعض الأجساد غير بالية، فلا ينافي بقاء عجب الذنب، ولا ينافي الحديث أن كل ابن آدم يبلى؛ لأنه عام خص بهذه الأدلة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن: الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء. فيكون التقدير: وليس من ابن آدم شيء يبلى: أي: ممن قدر الله أن يبلى جسده، قال القاري: (قال: وليس من الإنسان شيء) أي: جزء من أجزائه (لا يبلى) أي: لا يخلق، ولا يرم، ممن يبلى جسده; فإن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل من أجساد الأنبياء، وكذا من في معناهم من الشهداء، والأولياء، بل قيل: ومنهم المؤذنون المحتسبون، فإنهم من قبورهم أحياء، أو كالأحياء. انتهى.

وأما الإشكال الثاني، فقيل في جوابه: إن معنى عدم بلى عجب الذنب أنه يطول بقاؤه؛ فيكون آخر ما يفنى من الإنسان، وقيل: بل يبقى منه شيء ما، وإن كان ربما لا يتميز للحس، وقيل غير ذلك، قال القاري: قال بعض علمائنا من الشراح: المراد طول بقائه تحت التراب، لا أنه لا يفنى أصلا; فإنه خلاف المحسوس. وجاء في حديث آخر: إنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى، ومعنى الحديثين واحد.

وقال بعضهم: الحكمة فيه أنه قاعدة بدن الإنسان وأسه الذي يبنى عليه؛ فبالحري أن يكون أصلب من الجميع، كقاعدة الجدار وأسه، وإذا كان أصلب كان أطول بقاء.

 أقول: التحقيق -والله ولي التوفيق- أن عجب الذنب يبلى آخرا، كما شهد به حديث، لكن لا بالكلية، كما يدل عليه هذا الحديث، وهو الحديث المتفق عليه، ولا عبرة بالمحسوس، كما حقق في باب عذاب القبر، على أن الجزء القليل منه المخلوط بالتراب غير قابل لأن يتميز بالحس، كما لا يخفى على أرباب الحس. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات