دلالة السنة على الأحكام الشرعية كالقرآن

0 24

السؤال

هل النواهي والأوامر التي وردت في القرآن الكريم أهم من النواهي والأوامر التي وردت في السنة فقط، كالقزع بالنسبة للرجل بما أنه لم يرد في القرآن، وورد في السنة فقط؟ وهل إثم فعله ليس كعدم تحجب المرأة، حيث إن أمر حجاب المرأة مذكور في القرآن، وهذا يعني أن عدم حجاب المرأة هو أشد من القزع وهكذا...؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس الأمر كما ذكرت بحال، بل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدر من مصادر التشريع، وهي في دلالتها على الأحكام الشرعية كالقرآن، وقد يرد في القرآن من الأوامر ما هو للاستحباب، وقد يرد فيه ما هو للإباحة، كما يرد فيه من النواهي ما هو للكراهة، وما هو لخلاف الأولى، وقد يرد في السنة من الأوامر ما هو للوجوب، ويرد فيها من النواهي ما هو للتحريم، وليس المرجع في كون الأمر للوجوب وروده في القرآن، أو كونه لغير ذلك وروده في السنة، بل المرد في ذلك إلى قواعد علم أصول الفقه المعلومة، والتي منها أن الأمر ظاهر في الوجوب، والنهي ظاهر في التحريم، ما لم ترد قرينة تصرف عن هذا الظاهر.

وقد ترجم الخطيب البغدادي في الكفاية بابا عنونه بقوله: باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في وجوب العمل ولزوم التكليف، وذكر حديث المقدام بن معد يكرب الكندي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم أشياء، فذكر الحمر الإنسية ثم قال: يوشك رجل متكئ على أريكته يحدث بالحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا حلالا أحللناه، وما وجدنا حراما حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله عز وجل.

وذكر حديث العرباض بن سارية وفيه: يا ابن عوف قم فاركب فرسك، فناد في الناس: ألا إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن، وأن اجتمعوا إلى الصلاة، فاجتمعوا فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام فقال: بحسب امرئ قد شبع وبطن وهو متكئ على أريكته، لا يظن أن لله حراما إلا ما في القرآن، وإني والله قد حرمت، ونهيت، ووعظت بأشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر، لا يحل لكم من السباع كل ذي ناب، ولا الحمر الأهلية، ولا أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن، ولا أكل أموالهم إلا ما طابوا به نفسا، ولا ضرب نسائهم إذا أعطوا الذي عليهم.

وفي جملة من النصوص من أشهرها وأدلها على المطلوب حديث علقمة: أن امرأة من بني أسد أتت عبد الله بن مسعود فقالت: إنه بلغني أنك لعنت ذيت وذيت، والواشمة والمستوشمة، وإني قرأت ما بين اللوحين فلم أجد الذي تقول، وإني لأظن على أهلك منها، قال: فقال لها عبد الله فادخلي فانظري، فدخلت فنظرت فلم تر شيئا، ثم خرجت فقالت: لم أر شيئا، فقال لها عبد الله: أما قرأت: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا {الحشر: 7} قالت: بلى، قال: فهو ذاك. وشواهد هذا المعنى في القرآن كثيرة منها قوله تعالى: من يطع الرسول فقد أطاع الله {النساء:80}.

وقوله تعالى: قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول {النور:54}.

وقوله: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم {الأحزاب:36}.

إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة جدا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة