هل يعتبر منتحرا من يدافع عن عرضه مع علمه أنه سيموت؟

0 12

السؤال

هل يعتبر منتحرا من حاول الدفاع عن عرضه، مع علمه أنه سيموت مع عدم كف الشر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالدفع عن العرض مشروع، وهو من دفع الصائل، وهو واجب إذا كان الشخص قادرا على الدفع.

قال النووي: وأما المدافعة عن الحريم فواجبة بلا خلاف. انتهى.

فإن قتل من يدافع عن عرضه وحريمه، فهو شهيد، كما ثبت في الحديث عن سعيد بن زيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله، أو دون دمه، أو دون دينه فهو شهيد. رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح.

وإن علم الدافع، أو غلب على ظنه أنه يقتل، فالدفع مشروع له، وإن كان غير واجب، وليس هو إن قتل والحال هذه منتحرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهذا الذي يقاتل العدو، مع غلبة ظنه أنه يقتل قسمان:
أحدهما: أن يكون هو الطالب للعدو، فهذا الذي ذكرناه.
والثاني: أن يكون العدو قد طلبه، وقتاله قتال اضطرار، فهذا أولى وأوكد، ويكون قتال هذا إما دفعا عن نفسه وماله وأهله ودينه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد. قال الترمذي: [حديث حسن صحيح]. ويكون قتاله دفعا للأمر عن نفسه أو عن حرمته، وإن غلب على ظنه أنه يقتل، إذا كان القتال يحصل المقصود، وإما فعلا لما يقدر عليه من الجهاد، كما ذكرناه عن عاصم بن ثابت وأصحابه.
ومن هذا الباب: الذي يكره على الكفر فيصبر حتى يقتل، ولا يتكلم بالكفر؛ فإن هذا بمنزلة الذي يقاتله العدو حتى يقتل ولا يستأسر لهم، والذي يتكلم بالكفر بلسانه [وهو] موقن من قلبه بالإيمان بمنزلة المستأسر للعدو
. انتهى.

 فبان بهذا أن من قتل دفعا عن نفسه، أو دينه، أو حريمه؛ فهو شهيد، وليس منتحرا، وإن كان يعلم أو يغلب على ظنه أنه يقتل، كما وقع لعاصم بن ثابت وأصحابه حين أبى من أبى منهم أن يستأسر للمشركين، وأصر على القتال، حتى قتل، ومنهم من استأسر، فكان من لم يستأسر خيرا منه، كما بينه شيخ الإسلام -رحمه الله-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات