حكم بيع الشريك سلعة يملكها بمال دفعه إليه أصحابه مضاربة

0 9

السؤال

اشتريت صفقة سلع كهربائية بالآجل لمدة شهر، على أن أسددها في نهاية الشهر، ولكني لم أبع منها إلا الشيء القليل، وبقي على موعد السداد أسبوع، ولي أصدقاء يريدون أن يدخلوا أموالهم معي، لأتاجر بها لهم.
سؤالي: هل يجوز أن آخذ أموالهم، وأسدد بها ثمن الصفقة التي اشتريتها بالآجل، وأضارب بأموالهم في السوق بهذه السلعة، وهي الأدوات الكهربائية؟ وإذا كان يجوز ذلك. فهل لي أن أغير سعر السلعة، ولا تكون بنفس الثمن الذي اشتريتها به؟ وهل يلزمني إخبارهم بكم اشتريت، وبكم بعت؟ وكيف توزع الأرباح؟ هل في نهاية الفترة بعد بيع كل السلعة، أم كلما جاء مبلغ سددته لهم؟ وما هي الصيغة الصحيحة لعقد المضاربة في هذه الحالة؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمضاربة عقد بين طرفين، أحدهما يقدم مالا، والآخر يتجر فيه، على أن يكون للعامل جزء شائع من الربح، يتفق عليه سلفا مع رب المال، فيكون صاحب المال مشاركا بماله، والمضارب بعمله، وإذا حصلت خسارة خسر كل منهما ما شارك به، فرب المال يخسر ‏ماله، والعامل (المضارب) يخسر جهده. وقد سبق لنا بيان شروط صحة المضاربة، في الفتاوى: 70438، 280756، 206356.

والمضارب يده على مال المضاربة يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط -كالوكيل-، ويلزمه رعاية الأصلح لموكله، ولا يصح أن يشتري بمال المضاربة سلعة يمتلكها هو (يشتري من نفسه) إلا بإذن صاحب المال، على خلاف بين أهل العلم في ذلك، كما سبق بيانه في الفتويين: 378469، 351496.

قال البعلي في "الروض الندي شرح كافي المبتدي": (ولا يصح بلا إذن) موكل (بيع وكيل لنفسه) بأن ‌يشتري ‌من ‌نفسه لنفسه ما وكل في بيعه، (ولا) يصح -أيضا- (شراؤه منها) أي نفسه (لموكله)، بأن وكل في شراء شيء فاشتراه من نفسه لموكله، لأنه تلحقه تهمة، والعرف بيع الرجل من غيره، فحملت الوكالة ... وكذا حاكم وأمينه ووصيه وناظر وقف ‌ومضارب. اهـ.

وإن أذن له رب المال في الشراء من نفسه، فلا يشتري إلا بثمن المثل، فإن حابى نفسه واشترى بأكثر من ثمن المثل، ضمن الزيادة من ماله لرب المال.

قال ابن قدامة في المغني: حكم المضارب حكم الوكيل، ‌في ‌أنه ‌ليس ‌له ‌أن ‌يبيع بأقل من ثمن المثل، ولا يشتري بأكثر منه، مما لا يتغابن الناس بمثله، فإن فعل، فقد روي عن أحمد، أن البيع يصح، ويضمن النقص؛ لأن الضرر ينجبر بضمان النقص. والقياس أن البيع باطل. وهو مذهب الشافعى؛ لأنه بيع لم يؤذن له فيه، فأشبه بيع الأجنبى. فعلى هذا، إن تعذر رد المبيع، ضمن النقص أيضا، وإن أمكن رده، وجب رده إن كان باقيا، أو قيمته إن كان تالفا، ولرب المال مطالبة من شاء من العامل أو المشتري. اهـ.

وعلى ذلك؛ فلا يصح للسائل أن يبيع هذه السلع التي يمتلكها بالمال الذي دفعه إليه أصحابه مضاربة، إلا بإذنهم، وإن أذنوا له، ولم يتفق معهم على ثمن؛ وجب عليه أن يشتريها بثمن المثل، دون أن يحابي نفسه.

وأما وقت الحساب وتوزيع الأرباح، فيرجع إلى ما تتفقون عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة