السؤال
إذا كان هناك عامل عن الجماعة في بيع المضاربة، فهل يكفيه إذنُ صاحب المال فقط في التصرّف فيه، أم لا بدّ من إذن جميع الشركاء؟ وجزاكم الله خيرًا.
إذا كان هناك عامل عن الجماعة في بيع المضاربة، فهل يكفيه إذنُ صاحب المال فقط في التصرّف فيه، أم لا بدّ من إذن جميع الشركاء؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تتضح لنا صورة السؤال! فإن المال في المضاربة إن كان لجماعة من الشركاء، فلا ندري ما يعنيه السائل بـ (إذن صاحب المال فقط). وإن كان المال له صاحب واحد، فلا ندري ما يعنيه السائل بالشركاء، إلا إن كان يقصد الشركاء في العمل، فهم جماعة من المضاربين في مال شخص واحد، وهي معاملة جائزة، كما سبق أن بيناه في الفتويين: 48835، 104199.
وفي هذه الحال، فإذن صاحب المال يكفي المضارب للتصرف في المال، إلا إن كان هناك شرط متفق عليه بين العاملين في المضاربة (الشركاء) يقضي بلزوم علمهم جميعًا بوجه التصرف في المال، فحينئذ يجب الالتزام بالشرط؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة: 1]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقًا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقول القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
وإن كان المقصود هو السؤال عن حدود تصرفات الشريك وعامل المضاربة؛ فكلاهما مأذون له بمقتضى العقد المطلق في التصرفات التي تتوقف عليها التجارة عادة، كالبيع والشراء، ولا يحتاج فيها إلى إذن خاص.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ مبنية على الوكالة والأمانة؛ لأن كل واحد منهما يدفع المال إلى صاحبه أَمَنَةً، وبإذنه له في التصرف وَكَّلَهُ.
ومن شرط صحتها أن يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف، فإن أذن له مطلقا في جميع التجارات، تصرف فيها، وإن عَيَّنَ له جنسا أو نوعا أو بلدا، تصرف فيه دون غيره؛ لأنه متصرف بالإذن، فوقف عليه، كالوكيل.
ويجوز لكل واحد منهما أن يبيع ويشتري مساومة ومرابحة وتولية ومواضعة، وكيف رأى المصلحة؛ لأن هذا عادة التجار.
وله أن يقبض المبيع والثمن، ويقبضهما، ويخاصم في الدين، ويطالب به، ويحيل، ويحتال، ويرد بالعيب فيما وليه هو، وفيما ولي صاحبه. وله أن يستأجر من رأس مال الشركة ويؤجر؛ لأن المنافع أجريت مجرى الأعيان، فصار كالشراء والبيع، والمطالبة بالأجر لهما وعليهما؛ لأن حقوق العقد لا تختص العاقد...
وهل لأحدهما أن يبيع نساء؟ يخرج على روايتين، بناء على الوكيل والمضارب. انتهى.
وقال -رحمه الله-: وحكمها [المضاربة] حكم شركة الْعِنَانِ، في أن كل ما جاز للشريك عمله جاز للمضارب عمله، وما منع منه الشريك منع منه المضارب، وما اختلف فيه ثم، فهاهنا مثله. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني