السؤال
أعمل في شركة، وقد اتفقت معهم قبل بدء العمل على مكافأة تصرف كل 3 أشهر، تعادل نصف شهر من الراتب الأساسي، بالإضافة إلى بدلات للمواصلات والإعاشة. ولكن بعد فترة، حدث ما يلي:
أولا: تبين لي أن المكافأة التي تصرف كل 3 أشهر ليست كما تم الاتفاق عليه، بل تمنح وفق نظام مختلف، وأصبحت أقل بكثير مما تم الاتفاق عليه، مما أثر علي نفسيا وماليا.
ثانيا: البدلات عادة تتأخر بضعة أشهر، ثم تصرف لاحقا بأثر رجعي. ولكن هذا لم يحدث معي، إذ وقع خطأ إداري أدى إلى عدم حصولي على بدلاتي المتأخرة، والتي تبلغ 8200 جنيه، وهو مبلغ يقارب راتبي الأساسي الشهري. ولا أعلم إن كنت سأتمكن من استرداده، حيث إني أسعى وراء ذلك منذ 3 أشهر دون جدوى حتى الآن.
ثالثا: كان لدي مدير، وبعد سفره تم تحميل جميع مهامه لي، بما في ذلك أعمال ليست من مسؤوليتي، وذلك بنفس الراتب، ودون أي امتيازات إضافية.
النتيجة: أصبحت أتأخر عن الحضور كثيرا، وأغادر العمل مبكرا، وأحيانا أذهب دون إنجاز يذكر، بل إن بعض المهام التي يمكن إنجازها في يوم، أقوم بها في يومين بسبب ضيقي وانزعاجي من الوضع. تحدثت تقريبا مع جميع المسؤولين عن هذا الأمر، لكن الرد المعتاد هو: "هنشوف"، دون أي نتيجة تذكر. فما الحكم في هذا؟ وما هي النصيحة؟ هل أعد مقصرا أو مكتسبا لمال فيه شبهة؟ وإن كان فيه شبهة، فما طريقة تطهير هذا المال؟
وشكرا جزيلا
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفصل فيما ذكره السائل هو العقد المتفق عليه مع الشركة، سواء في الحقوق أو في الواجبات، فيجب على الطرفين الوفاء بالعقد، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود [المائدة: 1]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
وبالنسبة للسائل؛ فإنه مسؤول عن نفسه، فيلزمها بما عليه من حقوق تجاه الشركة، سواء في كيفية العمل أو في وقته، ما دامت مدة العقد بينه وبينهم سارية، فإذا انتهت، فهو بالخيار، إن شاء جدد العقد معهم بالشروط التي تناسبه، وإن شاء تركهم.
أما جانب الحقوق؛ فله أن يطالب بها، ولكن لا يجعل تأخرها أو النزاع عليها، سببا للتقصير في واجبات عمله، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصاحب الحق: خذ حقك في عفاف، واف، أو غير واف. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
وقال أيضا -صلى الله عليه وسلم-: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الترمذي، وحسنه.
وأما بالنسبة لحكم ماله الذي اكتسبه في هذه الفترة، فإنه يتأثر بالتقصير في عمله، كالتأخر في الحضور والانصراف المبكر، وعدم العمل عمدا في بعض الأيام بعد ذهابه! فإنه لا يستحق راتب هذه الأوقات، فإما أن يطلب السماح والعفو من إدارة شركته عن ذلك، وإما أن يعيد إليها ما يعادل قدر الوقت الذي قصر فيه، وراجع في ذلك الفتويين: 325588، 159435.
وإن كان له حق عند الشركة، تقر به، وتؤجل دفعه، فيمكن أن يجري مقاصة بين ما له وما عليه.
والله أعلم.