أحكام عدم التسوية في الهبة للأولاد، والهبة الموقوفة على موت الواهب

0 8

السؤال

نحن ثلاث بنات، وأخ واحد أشقاء. قام والدي بعد زواج كل واحدة منا بإهدائها قطعة أرض: اثنتان منا حصلتا على قطعة أرض مساحتها 400 م، أما الثالثة فقد وهبها والدي قطعتين؛ واحدة مساحتها 300 م، والأخرى 250 م. كنا نملك الحق في التصرف في هذه الهبات، فبعت أنا وأختي الأرض الخاصة بها لتحسين مستوى عيش أطفالنا، بينما لم تبع الأخت التي حصلت على قطعتين، نظرا لتحسن ظروفها المادية مقارنة بنا.
منذ يومين، قام والدي -بناء على طلب من أخي- بمنحه "هبة رقبة" لبقية ما يملك، وذلك في العقد الرسمي. وتشمل هذه الهبة قطعة أرض مساحتها 800 م، تضم المنزل الذي بناه له والدي منذ كان صغيرا، بالإضافة إلى أربعة منازل أخرى يستغلها في الإيجار، وقطعة أرض تابعة للمنزل. وقد اشترط والدي في الهبة ألا يتصرف أخي في هذه الممتلكات إلا بعد وفاة والدي -أطال الله في عمره-.
لقد أحسسنا، نحن البنات، بالأسى لما فعله والدنا، وشعرنا بالإقصاء من منزل العائلة. لقد طلبنا منه أن يبقي على منزل واحد يجمعنا نحن البنات دائما، وقد وعدنا بذلك، لكنه لم يف بوعده، وكتب "هبة رقبة" لكل ما يملك لأخي، خوفا من أن يباع شيء من ذلك وهو ما يزال حيا. هذا المنزل هو الذي نشأنا فيه، وله مكانة خاصة في قلوبنا وذكريات كثيرة.
قلت له: أعطه منزله وكل ما يحتاج، لكن أرجوك، أبق لنا منزل والدي ووالدتي، لكنه لم يصغ إلي. طلبت منه أن يعدل بيننا في الدنيا، ويجعل ما تبقى من ملكه إرثا يقسم بيننا بعد وفاته، فيمنح أخي قطعة أرض مماثلة لما منحنا، أو يهبه المنزل الذي يسكن فيه حاليا، لكنه لم يستجب. ومنذ أن أقصانا من منزل الطفولة، وأنا أبكي وأتألم لذلك. مع العلم أن والدتي شريكة في الهبة التي منحت لأخي، وقد كتبت معه ما تملك، ووهبته أيضا نصيبها. فهل ما فعله والدي يعد عدلا؟ وإن لم يكن كذلك، فهل يغفر الله له؟ وما حكم الشرع في هذا الفعل إن كان خاطئا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم في حكم التسوية أو العدل بين الأولاد في الهبة، فذهب الجمهور إلى أنها مستحبة وليست واجبة، وذهب الحنابلة، وأبو يوسف من الحنفية، ورواية عن الإمام مالك إلى وجوبها، فإن خص بعضهم بعطية، أو فاضل بينهم فيها، دون مسوغ شرعي، أثم، وراجعي في ذلك الفتويين: 6242، 149661.

وعلى القول بوجوب العدل، ففي حكم رد هذه الهبة في حياة الواهب، وبعد موته أيضا خلاف بين أهل العلم، سبق أن فصلناه في الفتوى: 161261.

وهذا كله في الهبة التي تنجز في حياة الواهب، ويقبضها الموهوب له، وأما الهبة الموقوفة على موت الواهب، فهي في حكم الوصية، والوصية لا تجوز لوارث، ولا بما زاد على ثلث التركة، إلا إذا أجازها بقية الورثة. وانظري للفائدة الفتويين: 63991، 442171.

هذا هو ما يسعنا بيانه للسائلة.

وأما السؤال عن مغفرة الله لوالديها، إن كانا على خطأ في تفضيل أخيهن عليهن، فهذا إلى الله وحده، قال الله تعالى: ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير [المائدة: 40]، وقال عز وجل: ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما [الفتح: 14]. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة