اعتقاد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب وأنه في كل مكان غلو يصل إلى حد الشرك

0 296

السؤال

أخي الفاضل سؤالي باختصار: ماذا تقولون عن بعض الأشخاص المغالين جدا بحبهم لحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، أي أنهم يذهبون لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم للتوسط بقبول دعوة معينة من الله عز وجل، أو أنهم لا يصلون في المساجد أبدا بحجة أن أئمة المساجد من الوهابيين، كما أنهم يقولون إن الرسول صلى الله عليه وسلم موجود بكل مكان وهو والله عز وجل يعلمون الغيب، هؤلاء الأشخاص هم فئة من الإخوة الباكستانين المقيمين في المملكة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن اعتقاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم من الغيب غير ما أطلعه الله عليه في حياته -كفر بالله العظيم، وتكذيب لكتابه- وقد قال الله تعالى: قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون {النمل:65}، وقال سبحانه على لسان رسوله: لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء. إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الصحيحة النافية علم رسول الله صلى الله عليه وسلم للغيب.

وأما الظن بأن رسول الله في كل مكان فهو من أفرى الفرى وأكذب الكذب، إذ إنه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم قد دفن في الحجرة التي مات فيها، قال الإمام ابن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا أن محمدا عليه السلام وجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع جميع الناس. انتهى، هذا وإن الذهاب لقبر النبي صلى الله عليه وسلم لغير قصد مجرد زيارة القبر المستحبة لا يخلو من حالين، الأولى: أن يكون ذلك توسلا إلى الله برسوله، وهذا من البدع الغليظة المحدثة المخالفة لهدي سلف الأمة من القرون المفضلة، فقد كانوا رضي الله عنهم يتوسلون إلى الله بدعاء نبيهم حال حياته، فلما مات لم يتوجهوا لقبره، ففي صحيح الإمام البخاري أن الصحابة رضوان الله تعالى عنهم قحطوا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فخرج يستسقي بهم، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فأسقنا، فيسقون. وهذا دليل على أن الصحابة كانوا يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات توسلوا بالعباس رضي الله تعالى عنه، أي بدعائه، فلو كان التوسل بشخص الرسول ممكنا ومشروعا لما عدل عنه عمر وذهب إلى العباس يسأله الدعاء، ولمزيد بيان راجع الفتوى رقم: 4416.  

الحالة الثانية: للذاهبين إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أن يسألوه وينادوه ويدعوه من دون الله، وهذا من الشرك الأكبر بالله العظيم الذي كان منتشرا في الجاهلية، وهو مخالف لملة التوحيد التي بعث بها الله رسله ليقضوا عليه، وينقذوا الناس منه، ويرشدوهم إلى توحيد الله سبحانه وإفراده بالعبادة والدعاء، وذلك أن الاستعانة فيما وراء الأسباب العادية لا تكون إلا بالله تعالى، لأنها عبادة فمن صرفها لغيره تعالى فهو مشرك، قال الله تعالى: ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين* وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رآد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم {يونس:106-107}، وقال أيضا: ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير* إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير {فاطر:13-14}، وقال أيضا: ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون* وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين {الأحقاف:5-6} إلى غير ذلك من الآيات.

وأما ترك هؤلاء الصلاة خلف من يزعمون أنهم وهابية، فإنه غير صحيح، إذ إن كونهم يخالفونهم في مسائل لا ينبغي أن يجعلهم يتركون الصلاة خلفهم، وقد نص أهل العلم على جواز الصلاة خلف الفاسق والمبتدع بدعا لا تصل إلى حد تكفيره، وانظر الفتوى رقم: 1636، والفتوى رقم: 10128.

وأما الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي نسب إليه هؤلاء الأئمة -فهو أحد المجددين، ومن بقية السلف الصالحين- وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية:  5408، 7070، 38149، 38579، 38667.

والله أعلم.  

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة