شياطين الإنس والجن.. تعريفهم.. والوقاية منهم

0 311

السؤال

من شيطان الإنس؟ وهل يستطيع الوسوسة في رأس الإنسان، كما يفعل شيطان الجن؟ وإن ظهر ذلك، فهل هناك حل، أو شفاء منه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف في المراد بشياطين الإنس والجن:

قال صاحب تفسير زاد المسير: وفي شياطين الإنس والجن ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهم مردة الإنس والجن، قاله الحسن، وقتادة.

والثاني: أن شياطين الإنس الذين مع الإنس، وشياطين الجن الذين مع الجن، قاله عكرمة، والسدي.

والثالث: أن شياطين الإنس والجن كفارهم، قاله مجاهد. انتهى.

وعلى القول بأن المراد بشياطين الإنس هم مردتهم وكفارهم، فإنهم لا يوسوسون كوسوسة شيطان الجن الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم، بل شيطان الإنس يأتي عيانا فيزين المعصية، ويدعو إليها، وقد نقل القرطبي في التفسير عن مالك بن دينار قوله: إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عيانا. انتهى.

 أما بخصوص الحل مع شيطان الإنس، فيكون ذلك بعدم الاستجابة لما يوسوس به، والحذر منه، والإعراض عنه، وعدم مجالسته؛ ففي الصحيحين عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير: فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة.

قال القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم: فيه تجنب خلطاء السوء، ومجالسة الأشرار وأهل البدع والمغتابين للناس؛ لأن جميع هؤلاء ينفذ أثرهم إلى جليسهم، والحض على مجالسة أهل الخير، وتلقي العلم والأدب، وحسن الهدي والأخلاق الحميدة. انتهى.

وقال الطيبي في شرح مشكاة المصابيح: قيل: فيه إرشاد إلى الرغبة في صحبة الصلحاء والعلماء ومجالستهم؛ فإنها تنفع في الدنيا والآخرة، وإلى الاجتناب عن صحبة الأشرار والفساق؛ فإنه تضر دينا ودنيا. قيل: مصاحبة الأخيار تورث الخير، ومصاحبة الأسرار تورث الشر، كالريح إن هبت على الطيب عقبت طيبا، وإن مرت على النتن حملت نتنا. وقيل: إذا جالست الحمقى علق بك من حماقتهم ما لا يعلق بك من العقل إذا جلست العقلاء؛ لأن الفساد أسرع إلى الناس، وأشد اقتحاما في الطبائع. انتهى.

ومن أعظم ما يحفظ العبد من شياطين الإنس والجن أن يعتصم بالله تعالى، ويستعين به، وبدعائه، وبذكره -تعالى-، لا سيما أذكار الصباح والمساء؛ فهي أمان للعبد، وحفظ له من شياطين الإنس والجن جميعا.

وراجع الفتويين التاليتين: 11882، 221917.

ومما يعصمه كذلك أن يعمل بطاعة الله تعالى، ويجاهد نفسه على لزوم التقوى، قال الله عز وجل: ومن يتق الله يجعل له مخرجا {الطلاق:2}.

وفي مسند أحمد، والترمذي عن ابن عباس، قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف.

قال ابن دقيق العيد في شرح الأربعين النووية: وقوله: "احفظ الله تجده تجاهك" أي: اعمل له بالطاعة، ولا يراك في مخالفته؛ فإنك تجده تجاهك في الشدائد. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة