إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
واختلفوا في كونه حجة أم لا على مذاهب :

( الأول ) : أنه حجة وإليه ذهب الأكثرون .

( الثاني ) : أنه ليس بحجة ، قال ابن السمعاني : وبه قال أكثر الحنفية ، وإليه ذهب من ادعى التحقيق منهم ، وإليه ذهب القاضي أبو بكر ، والأستاذ أبو منصور وأبو إسحاق المروزي ، وأبو إسحاق الشيرازي ، وأبو بكر الصيرفي ، والقاضي أبو الطيب الطبري .

( الثالث ) : اعتباره في الأشياء الراجعة إلى الصورة .

( الرابع ) : اعتباره فيما غلب على الظن أنه مناط الحكم ، بأن يظن أنه مستلزم لعلة الحكم ، فمتى كان كذلك صح القياس ، سواء كانت المشابهة في الصورة أو المعنى ، [ ص: 637 ] وإليه ذهب الفخر الرازي ، وحكاه القاضي في التقريب عن ابن سريج .

( الخامس ) : إن تمسك به المجتهد كان حجة في حقه ، إن حصلت غلبة الظن ، وإلا فلا ، وأما المناظر فيقبل منه مطلقا ، هذا ما اختاره الغزالي في المستصفى .

وقد احتج القائلون بأنه حجة ، بأنه يفيد غلبة الظن ، فوجب العمل به .

واحتج القائلون بأنه ليس بحجة بوجهين :

( الأول ) : أن الوصف الذي سميتموه شبها إن كان مناسبا فهو معتبر بالاتفاق ، وإن كان غير مناسب فهو الطرد المردود بالاتفاق .

( الثاني ) : أن المعتمد في إثبات القياس على عمل الصحابة ، ولم يثبت عنهم أنهم تمسكوا بالشبه .

وأجيب عن الأول : بأنا لا نسلم أن الوصف إذا لم يكن مناسبا كان مردودا بالاتفاق ، بل ما لا يكون مناسبا إن كان مستلزما للمناسب ، أو عرف بالنص تأثير جنسه القريب في الجنس القريب لذلك الحكم; فهو غير مردود .

وعن الثاني : بأنا نعول في إثبات هذا النوع من القياس على عموم قوله تعالى : فاعتبروا على ما ذكرنا أنه يجب العمل بالظن .

ويجاب عن هذين الجوابين : أنا لا نسلم أن ما كان مستلزما للمناسب كالمناسب ، ولا يحصل به الظن بحال ، ولا تدل عليه الآية بوجه من وجوه الدلالة ، كما سبق تقريره في أول مباحث القياس .

التالي السابق


الخدمات العلمية