الإحكام في أصول الأحكام

الآمدي - علي بن محمد الآمدي

صفحة جزء
الفصل الرابع

في الاسم

وهو ما دل على معنى في نفسه ، ولا يلزم منه الزمان الخارج عن معناه لبنيته ، ثم لا يخلو إما أن يكون واحدا أو متعددا ، فإن كان واحدا فمسماه إما أن يكون واحدا أو متعددا ، فإن كان واحدا فمفهومه منقسم على وجوه :

القسمة الأولى : أنه إما أن يكون بحيث يصح أن يشترك في مفهومه كثيرون أو لا يصح ، فإن كان الأول فهو كلي ، وسواء وقعت فيه الشركة بالفعل ما بين أشخاص متناهية كاسم الكوكب ، أو غير متناهية كاسم الإنسان ، أو لم تقع إما لمانع من خارج كاسم العالم >[1] والشمس والقمر ، أو بحكم الاتفاق كاسم عنقاء مغرب أو جبل من ذهب .

[ ص: 17 ] وهو إما أن يكون صفة أو لا يكون صفة ، والصفة كالعالم والقادر ، وما ليس بصفة إما أن يكون عينا كالإنسان والفرس ، وإما معنى كالعلم والجهل . وما كان من هذه الأسماء لا اختلاف في مدلوله بشدة ولا ضعف ولا تقدم وتأخر ، فهو المتواطئ كلفظ الإنسان والفرس ، وإلا فمشكك كلفظ الوجود والأبيض .

وعلى كل تقدير إما أن يكون ذاتيا للمشتركات فيه أو عرضيا .

فإن كان ذاتيا ، فالمشتركات فيه إما أن تكون مختلفة بالذوات أو بالعرض ، فإن كان الأول فإما أن يقال عليها في جواب ( ما هي ) فهو الجنس أو لا يقال كذلك ، فهو ذاتي مشترك إما جنس جنس ، أو فصل فصل ، وإن كانت مختلفة بالعرض فإما أن يقال عليها في جواب ( ما ) أو لا ، والأول هو النوع والثاني هو فصل النوع .

وإن كان عرضيا فإن كانت المشتركات مختلفة بالذوات فهو العرض العام ، وإلا فهو الخاصة .

وأما إن كان مفهومه غير صالح لاشتراك كثيرين فيه فهو الجزئي ، وهو إما أن لا يكون فيه تأليف أو فيه .

والأول إما أن لا يكون مرتجلا ، أو هو مرتجل .

فإن لم يكن مرتجلا فإما أن لا يكون منقولا كزيد وعمرو ، أو هو منقول ، والمنقول إما عن اسم أو فعل أو صوت .

فإن كان الأول فإما عن اسم عين كأسد وعقاب ، أو اسم معنى كفضل ، أو اسم صفة كحاتم . وإن كان الثاني فإما عن ماض كشمر ، أو مضارع كتغلب ، أو فعل أمر كاصمت . وإن كان الثالث كببة .

>[2] [ ص: 18 ] وإن كان مرتجلا وهو أن لا يكون بينه وبين ما نقل عنه مناسبة كحمدان .

وإن كان مؤلفا فإما من اسمين مضافين كعبد الله ، أو غير مضافين وأحدهما عامل في الآخر أو غير عامل . والأول كتسمية بعض الناس زيد منطلق ، والثاني كبعلبك وحضرموت ، وإما من فعلين كقام قعد ، وإما من حرفين كتسميته إنما ، وإما من اسم وفعل نحو تأبط شرا ، وإما من حرف واسم كتسميته بزيد ، وإما من فعل وحرف كتسميته قام علي .

وأما إن كان الاسم واحدا والمسمى مختلفا ، فإما أن يكون موضوعا على الكل حقيقة بالوضع الأول ، أو هو مستعار في بعضها .

فإن كان الأول فهو المشترك ، وسواء كانت المسميات متباينة كالجون >[3] للسواد والبياض ، أو غير متباينة ، كما إذا أطلقنا اسم الأسود على شخص من الأشخاص بطريق العلمية ، وأطلقناه عليه بطريق الاشتقاق من السواد القائم به ، فإن مدلوله عند كونه علما إنما هو ذات الشخص ، ومدلوله عند كونه مشتقا الذات مع الصفة وهي السواد ، فالذات التي هي مدلول العلم جزء من مدلول اللفظ المشتق ، ومدلول اللفظ المشتق وصف لمدلول العلم .

وإن كان الثاني فهو المجازي .

وأما إن كان الاسم متعددا ، فإما أن يكون المسمى متحدا أو متعددا ، فإن كان متحدا فتلك هي الأسماء المترادفة كالبهتر والبحتر للقصير >[4] ، وإن كان المسمى متعددا فتلك هي الأسماء المتباينة كالإنسان والفرس .

مسائل هذه القسمة ثلاث :

التالي السابق


الخدمات العلمية