الإحكام في أصول الأحكام

الآمدي - علي بن محمد الآمدي

صفحة جزء
[ ص: 14 ] الباب الثاني

في المتواتر

ويشتمل على مقدمة ومسائل .

أما المقدمة ففي بيان معنى التواتر والمتواتر .

أما التواتر في اللغة ، فعبارة عن تتابع أشياء واحدا بعد واحد ، بينهما مهلة . ومنه قوله تعالى : ( ثم أرسلنا رسلنا تترى ) أي : واحدا بعد واحد بمهلة .

وأما في اصطلاح الأصوليين ، فقد قال بعض أصحابنا : إنه عبارة عن خبر جماعة بلغوا في الكثرة إلى حيث حصل العلم بقولهم .

وهو غلط ، فإن ما ذكروه إنما هو حد الخبر المتواتر ، لا حد نفس التواتر ، وفرق بين التواتر والمتواتر . وإنما التواتر في اصطلاح المتشرعة ؛ عبارة عن تتابع الخبر عن جماعة مفيد >[1] للعلم بمخبره .

وأما المتواتر فقد قال بعض أصحابنا أيضا : إنه الخبر المفيد للعلم اليقيني بمخبره ، مانع لدخول خبر الواحد الصادق فيه .

كيف وفيه زيادة لا حاجة إليها ، وهي قوله : ( العلم اليقيني ) فإن أحدهما كاف عن الآخر ، والحق أن المتواتر في اصطلاح المتشرعة عبارة عن خبر جماعة مفيد بنفسه للعلم بمخبره .

فقولنا : ( خبر ) كالجنس للمتواتر والآحاد ، وقولنا : ( جماعة ) احتراز عن خبر الواحد ، وقولنا : ( مفيد للعلم ) احتراز عن خبر جماعة لا يفيد العلم ، فإنه لا يكون متواترا ، وقولنا : ( بنفسه ) احتراز عن خبر جماعة وافق دليل العقل ، أو دل قول الصادق على صدقهم ، كما سبق .

وقولنا : ( بمخبره ) احتراز عن خبر جماعة أفاد العلم بخبرهم لا ( بمخبره ) فإنه لا يسمى متواترا ، وإذ أتينا على بيان المقدمة ، فلا بد من ذكر المسائل المتعلقة بخبر التواتر ، وهي ست مسائل :

التالي السابق


الخدمات العلمية