[ ص: 85 ] المسألة الثالثة  
اختلفوا في  
الجرح والتعديل : هل يثبت بقول الواحد  أو لا ؟  
فذهب قوم إلى أنه لا بد في التعديل والجرح من اعتبار العدد في الرواية والشهادة .  
وذهب آخرون إلى الاكتفاء بالواحد فيهما ، وهو اختيار  
القاضي أبي بكر  >[1]    .  
والذي عليه الأكثر إنما هو الاكتفاء بالواحد في باب الرواية دون الشهادة وهو الأشبه .  
وذلك لأنه لا نص ولا إجماع في هذه المسألة يدل على تعيين أحد هذه المذاهب ، فلم يبق غير التشبيه والقياس .  
ولا يخفى أن العدالة شرط في قبول الشهادة والرواية ، والشرط لا يزيد في إثباته على مشروطه ، فكان إلحاق الشرط بالمشروط في طريق إثباته أولى من إلحاقه بغيره .  
وقد اعتبر العدد في قبول الشهادة دون قبول الرواية ، فكان الحكم في شرط كل واحد منها ما هو الحكم في مشروطه .  
فإن قيل : التزكية والتعديل شهادة ، فكان العدد معتبرا فيهما كالشهادة على الحقوق .  
قلنا ليس ذلك أولى من قول القائل بأنها إخبار ، فلا يعتبر العدد في قبولها كنفس الرواية .  
فإن قيل : إلا أن ما ذكرناه أولى لما فيه من زيادة الاحتياط .  
قلنا : بل ما يقوله الخصم أولى حذرا من تضييع أوامر الله تعالى ونواهيه .  
كيف وأن اعتباره قول الواحد في الجرح والتعديل أصل متفق عليه ، واعتبار ضم قول غيره إليه يستدعي دليلا ، والأصل عدمه ، ولا يخفى أن ما يلزم منه النفي الأصلي أولى مما يلزم منه مخالفته  
>[2]    .