الإحكام في أصول الأحكام

الآمدي - علي بن محمد الآمدي

صفحة جزء
[ ص: 178 ] المسألة الثامنة

إذا وردت صيغة " افعل " بعد الحظر ، فمن قال إنها للوجوب قبل الحظر اختلفوا ، فمنهم من أجراها على الوجوب ولم يجعل لسبق الحظر تأثيرا كالمعتزلة .

ومنهم من قال بأنها للإباحة ورفع الحجر لا غير وهم أكثر الفقهاء .

ومنهم من توقف كإمام الحرمين وغيره .

والمختار أنها وإن كانت ظاهرة في الطلب والاقتضاء ، وموقوفة بالنسبة إلى الوجوب والندب على ما سبق تقرير كل واحد من الأمرين ، إلا أنها محتملة للإباحة وللإذن في الفعل كما تقدم .

فإذا وردت بعد الحظر احتمل أن تكون مصروفة إلى الإباحة ورفع الحجر كما في قوله تعالى ( وإذا حللتم فاصطادوا ) ، ( فإذا طعمتم فانتشروا ) ، ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا ) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فادخروا " واحتمل أن تكون مصروفة إلى الوجوب ، كما لو قيل للحائض والنفساء : إذا زال عنك الحيض فصلي وصومي .

وعند هذا فإما أن يقال بتساوي الاحتمالين ، أو بترجيح أحدهما على الآخر .

فإن قيل بالتساوي امتنع الجزم بأحدهما ووجب التوقف .

وإن قيل بوجوب الترجيح وامتناع التعارض من كل وجه فليس اختصاص الوجوب به أولى من الإباحة ، إلا أن يقوم الدليل على التخصيص ، والأصل عدمه .

وعلى هذا أيضا فيجب التوقف ، كيف وأن احتمال الحمل على الإباحة أرجح ؟ نظرا إلى غلبة ورود مثل ذلك للإباحة دون الوجوب .

وعلى كل تقدير فيمتنع الصرف إلى الوجوب .

وبالجملة فهذه المسألة مستمدة من مسألة أن صيغة ( افعل ) إذا وردت مطلقة هل هي ظاهرة في الوجوب أو الندب أو موقوفة ؟

وقد تقرر مأخذ كل فريق وما هو المختار فيه . ( والله أعلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية