الإحكام في أصول الأحكام

الآمدي - علي بن محمد الآمدي

صفحة جزء
[ ص: 335 ] المسألة الثانية عشرة

اتفق الجمهور على أنه إذا ورد لفظ عام ، ولفظ خاص يدل على بعض ما يدل عليه العام ، لا يكون الخاص مخصصا للعام بجنس مدلول الخاص ومخرجا عنه ما سواه خلافا لأبي ثور من أصحاب الشافعي .

وذلك كقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " فإنه عام في كل إهاب ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في شاة ميمونة : " دباغها طهورها " ، وإنما لم يكن مخصصا له ؛ لأنه لا تنافي بين العمل بالخاص وإجراء العام على عمومه ، ومع إمكان إجراء كل واحد على ظاهره لا حاجة إلى العمل بأحدهما ومخالفة الآخر .

فإن قيل : فقد اخترتم أن المفهوم يكون مخصصا للعموم عند القائل به ، وتخصيص ( جلد الشاة بالذكر ) يدل بمفهومه على نفي الحكم عما سوى الشاة من جلود باقي الحيوانات ، فكان مخصصا للعموم الوارد بتطهيرها .

قلنا : أما من نفى كون المفهوم حجة وأبطل دلالته كما يأتي تحقيقه فلا أثر لإلزامه به هاهنا .

ومن قال بالمفهوم المخصص للعموم ، إنما قال به في مفهوم الموافقة ومفهوم الصفة المشتقة كما سبق في المسألة المتقدمة لا في مفهوم اللقب ، وتخصيص جلد الشاة بالذكر لا يدل على نفي الطهارة بالدباغ عن باقي جلود الحيوانات كالإبل والبقرة وغيرها إلا بطريق مفهوم اللقب ، وليس بحجة على ما يأتي تحقيقه .

ولهذا ، فإنه لو قال : عيسى رسول الله ، فإنه لا يدل على أن محمدا ليس برسول الله .

وكذلك إذا قال : الحادث موجود لا يدل على أن القديم ليس بموجود وإلا كان ذلك كفرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية